وإنما عد الهمز في هذين الموضعين متوسطا، وإن كان الزائد الداخل عليه كلمة مستقلة بنفسها من جهة الاتصال خطا؛ لأن ألف "ها" و "يا" محذوفة في رسم المصحف الكريم، واتصلت الهاء والياء بالهمزة بعدهما والألف المتصلة بالياء في نحو: "يأيها".
هي صورة الهمزة وليست ألف يا، والدليل على ذلك أنه إذا لم تكن بعد يا همزة لم يكتبوا ألفا أصلا نحو:
"يقوم"١، "وينوح" واللام نحو: "لأنتم أشد، ولأبويه" والباء مثل "بأنهم".
ونحو هذه الزوائد "فأمنوا، وأمر، كأنهم، ءأنذرتهم، أفأنت، فبأي، لبإمام، سأريكم" ونحو ذلك.
ولامات التعريف نحو: "الآخرة"، و"الأرض".
فالهمز في كل ذلك متوسط باعتبار أن ما دخل عليه متصل به خطا أو لفظا لا يمكن انفصاله منه، والزائد ما أمكن فصله من الكلمة ولا تختل بنيتها؛ فحروف المضارعة لا تعطى حكم الزوائد، والهمز بعدها متوسط بلا خلاف نحو: "يؤمن، يأكل" وكذا "وأمر، فأووا، وألحق به بعضهم: ﴿يَا صَالِحُ ائْتِنَا﴾ ٢، و ﴿إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا﴾ ٣.
والاختيار التحقيق لتأتي الوقف على ما قبل الهمزة فإن وقف بتخفيف "الهدى ائتنا" لم يمل الألف؛ لأنها بدل الهمزة وليست ألف الهدى وهو اختيار أبي عمرو الداني وقيل بل هي ألف الهدى، وحذفت المبدلة من الهمزة ويحتمل أن ترجع ألف الهدى، ويجمع بين الألفين بزيادة المد، فعلى هذا تسوغ الإمالة في ألف الهدى لمن مذهبه الإمالة، وقد سبق ذكر الوجهين والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿هَاؤُمُ﴾ ٤ في الحاقة ليس لها حكم هأنتم؛ لأن همزة هاؤم متوسطة؛ لأنها من تتمة كلمة ها بمعنى: خذ ثم اتصل بها ضمير الجماعة المتصل، وها أنتم الهاء فيه للتنبيه دخل على أنتم، وتسهل همزة هاؤم بلا خلاف بين بين ويوقف هاؤم، ومنع مكي من الوقف عليها؛ ظنا منه أن الأصل هاؤموا بواو وإنما كتبت على لفظ الوصل فحذفت، فقال: لا يحسن الوقف عليها؛ لأنك إن وقفت على الأصل بالواو خالفت الخط، وإن وقفت بغير وخالفت الأصل، وذكر الشيخ معنى ذلك وشرحه وهو سهو؛ فإن الميم في "هاؤم" مثل الميم في أنتم الأصل فيها الصلة بالواو على ما سبق في بيان قراءة ابن كثير، ورسم المصحف الكريم في جميع هذا الباب بحذف الواو فيما ليس بعده ساكن فما الظن بما بعده ساكن فالوقف على الميم لجميع القراء وإذا كان ابن كثير الذي
٢ سورة الأعراف، آية: ٢٧.
٣ سورة الأنعام، آية: ٧١.
٤ الآي: ١٩.