فما قبل الهمز في ذلك كله حرف ساكن لا حظ له في الحركة فلا روم وهذا مأخذ حسن والله الحمد، ويجوز أن يكون نظر إلى أن حركة النقل والمدغم من جنس الحركة العارضة وتلك لا يدخلها روم ولا إشمام فقاس هذه عليها.
ويقال في نظم هذا.
ومن لم يرمه أو يشم وقاسه | بعارض شكل كان في الرأي محملا |
فإن قلت: لم لم تعد على ما في قوله: وما قبله التحريك والتقدير فالبعض سهله بالروم ومن لم يرمه واعتد محضا سكونه فقد شذ، ويكون هذا البيت من تبع البيت الذي قبله لا من أتباع قوله: "وأشمم ورم"؛ أي ومن لم يرم في هذا المتحرك الطرف الذي قبله متحرك أو ألف ولم ير الوقوف عليه إلا بالسكون فقد شذ؟
قلت: يمنع من ذلك أنه قد منع الروم والإشمام في موضع يبدل فيه الهمز حرف مد، والموضع الذي يبدل فيه الهمز حرف مد هو المحرك الطرف الذي قبله محرك أو ألف، فإذا كان هذا مختارا فيه ترك الروم كيف يعود يقول: ومن لم يرم فقد شذَّ؟ وإنما أشار بهذا إلى الموضع الذي نص على جواز رومه.
فإن قلت: إن كان هذا هو المراد فهلا قال: ومن لم يرم ولم يشم، ولم اقتصر على ذكر الروم دون الإشمام؟
قلت: يجوز أن يكون هذا الفريق الذي نفى الروم جوز الإشمام ولم ينفه؛ لأنه إشارة بالعضو لا نطق معه فهو أخف من الروم والباب باب تخفيف، فناسب ذلك ذلك، ويجوز أن يكون أيضا نفى الإشمام واقتصر الناظم على ذكر الروم اجتزاء به عن الإشمام؛ لأن الكلام فيه من القوة والوضوح ما يدل على ذلك فهو من باب قوله تعالى: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرّ﴾ ١، ولم يقل تعالى: والبرد؛ لأنه معلوم والله أعلم.
على أن من الناس من جعل هذا البيت متعلقا بما قبله، وقال: من الناس من أنكر الروم في هذا النوع فتعذر التسهيل وأخذ في ذلك بالبدل لا غير فهذا قد أتى بقول شاذ: لكونه أنكر هذا الوجه وهو مروي عن حمزة قال: ومنهم من أجرى التسهيل بالروم بالمفتوح أيضا وهذا أتى أيضا بقول شاذ مخالف لما عليه اختيار القراء فأشار الناظم في هذا البيت إلى إبطال هذين القولين: أي ومن لم يأخذ بالتسهيل في ذلك وأخذ به في الحركات كلها فقد شذ، وإنما ينبغي الأخذ به في المضموم والمكسور؛ لأنهما محل الروم عند القراء.
١ سورة النحل، آية: ٨١.