يوجبوه، وما ذكرناه من أن حرف المد لا يدغم قد ادعى فيه أبو علي الأهوازي الإجماع، فقال في كتابه الكبير المسمى بالإيضاح: المثلان إذا اجتمعا وكانا واوين قبل الأولى منهما ضمة أو ياءين قبل الأولى منهما كسرة فإنهم أجمعوا على أنهما يمدان قليلا ويظهران بلا تشديد ولا إفراط في التليين؛ بل بالتجويد والتبيين مثل: ﴿آمَنُوا وَكَانُوا﴾ ١، في يوسف: ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ﴾ ٢.
قال: وعلى هذا وجدت أئمة القراءة في كل الأمصار، ولا يجوز غير ذلك فمن خالف هذا فقد غلط في الرواية وأخطأ في الدراية.
قال: فأما الواو إذا انفتح ما قبلها وأتى بعدها واو من كلمة أخرى فإن إدغامها حينئذ إجماع مثل:
﴿عَفَوْا وَقَالُوا﴾، ﴿عَصَوْا وَكَانُوا﴾، ﴿آَوَوْا وَنَصَرُوا﴾، ﴿اتَّقَوْا وَآَمَنُوا﴾ | ونحو ذلك وذكر أن بعض شيوخه خالف في هذا والله سبحانه أعلم. |
١ سورة يوسف، آية: ٥٧.
٢ سورة النساء، آية: ١٢٧.
٢ سورة النساء، آية: ١٢٧.
باب: حروف قربت مخارجها
هذه العبارة من الناظم، وسبقه إليها غيره، وإنما ذكر صاحب التيسير ما في هذا الباب في فصل وكذا الباب الذي بعده في فصل آخر، وفي هذه العبارة بحث، وذلك أن جميع ما سبق هو إدغام حروف قربت محارجها، فما وجه اختصاص ما في هذا الباب بهذه العبارة؟، ولو كان زادها لفظ "أخر" فقال: "باب حروف أخر قربت مخارجها" لكان حسنا، ووجه ما ذكره أن الذي سبق هو كما نبهنا عليه في أول الباب: إدغام حرف عند حروف متعددة من كلمات، والذي في هذا الباب هو إدغام حرف في حرف، كالباء في الفاء، وعكسه في عكسه، واللام في الذال؛ والذال في التاء، والراء في اللام، والباء في الميم، أو في حرفين كالثاء في التاء، والذال نحو: "أورثتموها"، "لبثتم"، "يلهث ذلك".
والدال في الثاء والذال، نحو: "يرد ثواب"، "ص ذِكْر".
والنون في الواو والميم، نحو: "يس والقرآن"، "ن والقلم"، "طسم".
فكأنه نزل ما في هذا الباب منزلة فرش الحروف من أبواب الأصول، لقلة حروفه ودوره، أي باب حروف منشورة في مواضع مخصوصة، والله أعلم.