في القراءة مكروه معيب، هذا قول أبي عمرو الداني في كتاب "الموضح" قال: والفتح المتوسط هو ما بين الفتح الشديد والإمالة المتوسطة، وهذا الذي يستعمله أصحاب الفتح من القراء، قال: والإمالة أيضا على ضربين: إمالة متوسطة، وإمالة شديدة، والقراء يستعملونهما معًا؛ فالإمالة المتوسطة حقها أن يؤتى بالحرف بين الفتح المتوسط وبين الإمالة الشديدة، والإمالة الشديدة حقها أن تقرب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء، من غير قلب خالص، ولا إشباع مبالغ، قال: والإمالة والفتح لغتان مشهورتان فاشيتان على ألسنة الفصحاء من العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فالفتح لغة أهل الحجاز، والإمالة لغة عامة أهل نجد، من تميم وقيس وأسد قال: وعلماؤنا مختلفون في أي هذه الأوجه الثلاثة أوجه وأولى، وأختار الإمالة الوسطى التي بين بين؛ لأن الغرض من الإمالة حاصل بها، وهو الإعلام بأن أصل الألف الياء أو التنبيه على انقلابها إلى الياء في موضع، أو مشاكلتها للكسر المجاور لها أو الياء، ثم أسند حديثا عن حذيفة بن اليمان أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "اقرءوا القرآن بألحان العرب" وفي رواية: "بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين".
قال: فالإمالة لا شك من الأحرف السبعة، ومن لحون العرب وأصواتها، وهي مذاهبها وطباعها. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكع حدثنا الأعمش عن إبراهيم، قال: كانوا يرون أن الألف والياء في القراءة سواء، قال: يعني بالألف والياء التفخيم والإمالة.
قلت: وصنف كل واحد من أبي الطيب ابن غلبون، وأبي عمرو الداني في هذا الباب مجلدة، قصراها على حكم الإمالة وما يتعلق بها، وكتاب الداني متأخر عن كتاب ابن غلبون، فلذلك فوائده أكثر، وذكر الشيخ رحمه الله في هذا الباب معظم ما تقع فيه الإمالة في القرآن من أصول مطردة، وحروف منفردة وأخر من ذلك قليلا فذكره في مواضعه من السور، تبعا لصاحب التيسير.
كـ: "التوراة"، و"ناداه" في آل عمران، و"ناه"، و"استهواه"، و"رأى" في الأنعام، و"را"، و"طا"، و"ها"، و"يا" من فواتح السور، و"أدري"، في أول سورة يونس، "وبشراى" في يوسف وغيره، ذكر ذلك في الباب أو بعضه، ويجوز في قوله وبين اللفظين: فتح النون من بين على الظرفية، أي والحالة هي بين اللفظين، أي بين لفظي الفتح والإمالة، ويجوز كسر النون عطفا على الفتح والإمالة، ولفظ بين تارة يجري بوجوه الإعراب، كقوله: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ ١، وتارة ينصب على الظرف والإعراب يجري على ما هي تابعة له، وقرئ بالوجهين قوله سبحانه: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ ٢ بالرفع والنصب عاما سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى والله أعلم.
٢ سورة الأنعام، آية: ٩٤.