﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ ١ وكذا ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى﴾ ٢، لو ثنيته لقلت: عميان وهذا بخلاف: "الصفا" و ﴿شَفَا جُرُفٍ﴾ ٣، و ﴿سَنَا بَرْقِهِ﴾، و ﴿عَصَاهُ﴾، و ﴿عَصَايَ﴾، و ﴿أَبَا أَحَدٍ﴾.
فإن الألف في ذلك كله أصلها الواو، ويثني جميع ذلك بها، وأما الألف في الأفعال فيكشفها أن تنسب الفعل إلى نفسك وإلى مخاطبك فإن انقلبت فيه ياء أملتها نحو: "رمى" و"سعى"؛ لأنك تقول: رميت وسعيت بخلاف: دعا وعفا وخلا وبدا وعلا ونجا، فإنك تقول فيهما: دعوت وعفوت... إلى آخرها، ويكشفها لك أيضا لفظ المضارع نحو يدعو ويعفو، ولحوق ضمير التثنية نحو: دعوا وعفوا، والاشتقاق يكشف الأمرين نحو الرمي والسعي والعفو والعلو، فإن قلت: من جملة الأسماء الممالة ما لا تظهر التثنية ياءه التي انقلبت الألف عنها نحو الحوايا جمع حاوية فالألف عن ياء كائنة في المفرد وفي تثنية المفرد ولكن اللفظ الممال في القرآن لا يثنى فلم يكشف هذا اللفظ تثنية فكيف قال: وتثنية الأسماء تكشفها؟ قلت: ذكر ذلك كالعلامة؛ والعلامة قد لا تعم ولكنها تضبط الأكثر والحد يشمل الجميع، وهو قوله: ذوات الياء والألف من آخر الحوايا من ذوت الياء وأصلها حواوي على حد ضوارب؛ لأنه جمع حاوية وهي المباعر، على أنك لو قدرت من هذا فعلا، ورددته إلى نفسك لظهرت الياء نحو حويت، وصاحب التيسير ذكر هذا الحرف مع يتامى وأيامى فجعل الجميع في باب فعالى الذي يأتي ذكره، وقوله: صادفت منهلا أي موردا للإمالة، وهذه استعارة حسنة؛ لأن طالب العلم يوصف بالعطش فحسن أن يعبر عن بغيته ومطلوبه بالمورد، كما يعبر عن كثرة تحصيله بالري فيقال هو ريان من العلم ثم مثل ذوات اليا من الأسماء والأفعال فقال:
٢٩٣-
هَدى وَاشْتَرَاهُ وَالهَوى وَهُدَاهُمُ | وَفِي أَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي الكُلِّ مَيَّلا |
فإن قلت: ظهرت فائدة قوله: فيما قبل حيث تأصلا فإن ألف التأنيث ليست أصلا فاحترز عنها.
قلت: ولماذا يحترز عنها وهي ممالة لهما كما أن الأصلية ممالة لهما فلا وجه للاحتراز إن كانت ألف التأنيث داخلة في مطلق قوله: ذوات الياء وهو ممنوع، وإذا لم تكن داخلة فلا احتراز، ولم يبق فيه إلا التأكيد أو المعاني التي تقدم ذكرها، ثم ذكر الأمثلة التي توجد فيها ألف التأنيث المقصورة وهي الممالة فقال:
٢ سورة فصلت، آية: ١٧.
٣ سورة التوبة، آية: ١٠٩.