أي نقل رجل عالم معلم، وصد نعته ومعناه العطشان أي هو مرو لغيره بالعلم صد إلى تعلم ما لم يعلم كقوله صلى الله عليه وسلم: "منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا"، أو يكون صد مفعولا ولم ينصبه ضرورة أي أمال "هار" الكسائي بكماله، وابن ذكوان بخلاف عنه، وأبو بكر وأبو عمرو، فإن قلت يظهر من نظم هذا البيت أن الذين أمالوا "هارٍ" أمالوا "كافرين"؛ لأنه قال: ومع كافرين، ولا مانع من أن تكون الواو في "ومع" فاصلة بعد واوٍ واقتس، وإذا كان الأمر كذلك، ولم يذكر بعده من أماله فيظهر أن قوله: "وهار" عطف عليه والرمز بعده لهما فيكون كقوله في آل عمران: ﴿سَنَكْتُبُ﴾ ياء ضم البيت ذكر فيه ثلاث قراءات في ثلاث كلمات ثم رمز لهن رمزًا واحدًا قلت: لا مانع من توهم ذلك ويقويه أن كافرين وهار كلاهما ليس داخلا في الضابط المقدم لأبي عمرو والدوري على ما شرحناه فإنه فصل بين الألف والراء الفاء في كافرين وفي "هارٍ" حرف مقدر إما واو وإما ياء، وعلى الوجه الآخر لا تكون الراء طرفا، وإذا خرجا من ذلك الباب قوي الوهم في أن من أمال أحدهما أمال الآخر، ولو كان أسقط الواو من "ومع"، وقال مع الكافرين كافرين لزال الوهم أي أمالا هذا مع الكافرين، ولو قال: كذا كافرين الكافرين لحصل الغرض والله أعلم.
٣٢٣-
"بَـ"ـدَارِ وَجَبَّارِينَ وَالجَارِ "تَـ"ـمَّمُوا | وَوَرْشٌ جَمِيعَ البَابِ كَانَ مُقَلِّلا |
٣٢٤-
وَهذَانِ عَنْهُ بِاخْتِلاَفٍ وَمَعَهُ في الـ | ـبَوَارِ وَفي القَهَّارِ حَمْزَةُ قَلَّلا |
٣٢٥-
وَإِضْجَاعُ ذِي رَاءَيْنِ "حَـ"ـجَّ "رُ"وَاتُه | كَالأَبْرَارِ وَالتَّقْلِيلُ "جَـ"ـادَلَ "فَـ"ـيْصَلا |
﴿مِنَ الْأَشْرَارِ﴾، و: ﴿دَارُ الْقَرَارِ﴾، و: ﴿كِتَابَ الْأَبْرَارِ﴾ فقوله: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ﴾ لا يمال؛ لأن الراء مفتوحة كما لا يمال "خلق الليل والنهار"، وفيصلا حال من الضمير في جادل العائد على التقليل؛ لأن التقليل متوسط بين الفتح والإمالة أي أمال ذلك أبو عمرو والكسائي بكماله وقرأه ورش وحمزة بين اللفظين والله أعلم.