هاء وفي الوصل تاء سواء كانت مرسومة في المصحف بالتاء أو بالهاء؛ لأن من مذهب الكسائي الوقف على جميع ذلك بالهاء على ما يأتي بيانه، فإن قلت: ما وجه إضافة التأنيث إلى الوقوف؟ قلت: لم يضف التأنيث وحده فإن التأنيث من حيث هو التأنيث وقفا ووصلا وإنما أضاف إلى الوقوف ما يخصه وهو كون حرف التأنيث صار هاء، فيكون من باب قولهم: حب رماني لم يضف إلى الياء الرمان وحده وإنما أضاف حب الرمان وقد تقدم بيان ذلك في شرح قوله: أبو عمرهم، ويدخل تحت قوله هاء تأنيث ما جاء على لفظها وإن لم يكن المقصود بها الدلالة على التأنيث كهمزة: "لمزة" "كاشفة" "بصيرة".
ولهذا قال صاحب التيسير: اعلم أن الكسائي كان يقف على هاء التأنيث وما ضارعها في اللفظ بالإمالة، ومثل المضارع بما ذكرناه وغيره فقوله: وما قبلها أي وفي الحروف التي قبلها، وممال بمعنى الإمالة كمقام بمعنى إقامة أي أن إمالة الكسائي واقعة في هاء التأنيث في الوقف وفي الحرف الذي قبلها؛ لقرب الهاء من الياء ولقرب ما قبلها من الكسرة كما يفعل مثل ذلك في إمالة الألف لا بد من تقريب ما قبلها من الكسر ويوصف ذلك بأنه إمالة له وعلى ذلك شرحنا قوله وراء: ﴿تَرَاءَى﴾.
فإن قلت: لما ذكر في الباب المتقدم إمالة الألفات لم ينص على إمالة ما قبلها من الحروف فلم نص هنا على إمالة الحرف الذي قبل هاء التأنيث؟ قلت: لأن الألف الممالة لم يستثن من الحروف الواقعة قبلها شيء وهنا بخلاف ذلك على ما ستراه.
قوله: "غير عشر" مستثنى من موصوف قبلها المحذوف، والتقدير: وفي الحروف التي قبلها غير عشرة من تلك الحروف فإنه لم يملها، ومن ضرورة ذلك أن لا يميل الهاء، وإنما أنث لفظ عشر، وإن كان الوجه تذكيره؛ لأن معدوده حروف، وهي مذكرة؛ لأنها جمع حرف من أجل أن تلك الحروف عبارة عن حروف الهجاء وأسماء حروف الهجاء جاء فيها التذكير والتأنيث، فأجرى ذلك في العبارة عنها اعتبارا بالمدلول لا اعتبارا باللفظ والعرب تعتبر المدلول تارة والعبارة أخرى كقوله:
وأن كلابا هذه عشر أبطن
فأنث أبطنا وهو جمع مذكرٍ وهو بطن لما كان البطن بمعنى القبيلة ولهذا تم البيت بقوله:
وأنت بريء من قبائلها العشر
وأشار بقوله: ليعدلا إلى أن تلك الحروف تناسب الفتح دون الإمالة فلهذا استثناها، ثم بين تلك الحروف العشرة في كلمات جمعها فيها فقال:
٣٣٩-
وَيَجْمَعُهَا "حَقٌ ضِغَاطٌ عَصٍ خَظَا" | وَ"أَكْهَرُ" بَعْدَ اليَاءِ يَسْكُنُ مُيِّلا |