٣٥٥-

وَلكِنَّهَا في وَقْفِهِمْ مَعْ غَيْرِهاَ تُرَقِّقُ بَعْدَ الكَسْرِ أَوْ مَا تَمَيَّلا
الضمير في "ولكنها" للمكسورة أي مع غيرها من الراءات المفتوحة والمضمومة والساكنة ترقق في الوقف إذا كان قبلها أحد أسباب ثلاثة ذكر منها في هذا البيت اثنين الكسر والإمالة، والثالث يأتي في البيت الآتي وهو الياء الساكنة.
فمثال ذلك بعد الكسر:
﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾، ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ﴾، ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾، ﴿فَانْتَصِرْ﴾.
ومن ذلك ما كان بين الراء وبين الكسر فيه ساكن نحو: "الذِّكْرُ"، و"السِّحْرَ"، و"الشعر".
نص عليه الداني في كتاب الإمالة، فكأن الشاطبي أراد بعد الكسر المؤثر في مذهب ورش وقد علم ذلك من أول الباب ومثال ذلك بعد الإمالة: ﴿عَذَابَ النَّارِ﴾ في مذهب الدوري وأبي عمرو و: ﴿بِشَرَرٍ﴾ في مذهب ورش نص عليه الداني وغيره، وهو مشكل من وجه أن الراء الأولى إنما أميلت لكسرة الثانية فإذا اعتبرت الكسرة بعد سكون الوقف؛ لأجل إمالة الأولى فلم لا تعتبر لأجل ترقيقها في نفسها، ولا يقع هذا المثال إلا في المكسورة، وعلى مذهب بعض القراء بخلاف المثال بعد الكسر؛ فإنه وقع في أنواع الراء الأربعة وفي مذهب جميع القراء، وسبب الترقيق سكون الراء بعد الكسر أو ما يناسبه وهو الإمالة، وقد سبق قوله: ولا بد من ترقيقها بعد كسرة، وهذا الاستدراك المفهوم من قوله: ولكنها؛ لأجل قوله في البيت السابق: وتفخيمها في الوقف أجمع أشملا، فكأنه استثنى من هذا فقال: إلا أن تكون بعد كسر أو حرف تميل ثم ذكر الياء الساكنة فقال:
٣٥٦-
أَوِ اليَاء تَأْتِي بِالسُّكُونِ وَرَوْمُهُمْ كَمَا وَصْلِهِمْ فَابْلُ الذَّكَاءَ مُصَقَّلا
لا تقع الراء الساكنة بعد الياء الساكنة وإنما تقع بعدها الراء المتحركة بالحركات الثلاث في قراءة جميع القراء نحو: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾، ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ﴾، ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾، ولا يستقيم التمثيل بالمنصوب المنون، فإن الوقف لا يكون فيه على الراء بل على الألف المبدلة من التنوين فيبقى الترقيق فيه لورش وحده بشرطه هذا كله إذا وقفت على الراء بالسكون، فإن وقفت بالروم على ما سيأتي شرحه كان حكم الوقف حكم الوصل؛ لأنه قد نطق ببعض الحركة فترقق المكسورة للجميع وغيرها لورش بشرطه ويفخم الباقي للجميع، وما في قوله: كما زائدة أي رومهم كوصلهم، و"فابل" بمعنى اختبر ومصقلا نعت مصدر محذوف أي بلاء مصقلا أي مصقولا يشير إلى صحة الاختبار ونقائه مما يكدره ويشوبه من التخاليط، فبذلك يتم الغرض في تحرير هذه المسألة؛ لأنها مسائل متعددة عبر عنها بهذه العبارة الوجيزة، وبسط هذا أن نقول لا تخلو الياء إما أن تكون مكسورة أو غير مكسورة فإن كانت مكسورة رققت وصلا


الصفحة التالية
Icon