٤٠٠-

بَنَاتِي وَأَنْصَارِي عِبَادِي وَلَعْنَتِي وَمَا بَعْدَهُ بِالفَتْحِ إِنْ شَاءَ أُهْمِلا
جميع ما في هذا البيت فتحه نافع وحده، فأهمل، فلم يجر عليه الحكم المتقدم، وهو فتحه لمدلول قوله: أولى حكم بل فتح لبعضهم وأراد: ﴿هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ﴾، ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى﴾ في آل عمران والصف١، ﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ﴾ في الشعراء٢، فحذف الباء ضرورة، وليس في القرآن لفظ "عبادي" بعده همزة مكسورة غير هذا فلا تلتبس هذه العبارة: ﴿لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾، والذي بعده إن شاء هو قوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ حيث جاء، وهو في الكهف والقصص والصافات٣، وإنما عبر عنه الناظم بهذه العبارة؛ لأن مثله لا يستقيم في وزن الشعر؛ لكثرة حركاته المتوالية، وليس في القرآن ياء إضافة بعدها إن شاء غير هذه اللفظة فتعينت، وعبر عنها في آخر الكهف بقوله: وما قبل إن شاء، وفي آخر القصص والصافات بقوله: وذو الثنيا أي الاستثناء والله أعلم.
٤٠١-
وَفِي إِخْوَتِي وَرْشٌ يَدِي "عَـ"نْ "أُ"ولِي "حِـ"ـمًى وَفِي رُسُلِي "أَ"صْلٌ "كَـ"ـسَا وَافِيَ الْمُلا
أراد: ﴿وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي﴾ فتحها ورش وحده وأما: ﴿يَدِيَ إِلَيْكَ﴾ في المائدة٤، فزاد حفص في أصحاب الفتح، وهم نافع وأبو عمرو وأما: ﴿رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾، ففتحها نافع وابن عامر، والملا: جمع ملاءة، وهي الملحفة البيضاء أراد أنها كسوة سابغة وافية، وانتصاب وافي الملا على أنه مفعول ثانٍ لكسا أي كسا الفتح كسوة وافية، ويجوز أن يكون حالا أي هذا الأصل، الكاسي: حاله أنه وافي الملا أي سابغ الكسوة جيدها والله أعلم.
١ آل عمران، آية: ٥٢ والصف، آية: ١٤.
٢ آية: ٥٢.
٣ الكهف، آية: ٦٩ والقصص، آية: ٢٧ والصافات، آية: ١٠٢.
٤ آية: ١٢٨.

سورة آل عمران
...
﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ ١ على أن أصله ها لم، ثم حذفت ألفها، فكذا: "ها أنتم".
٥٦٠-
وَيَقْصُرُ فِي التنْبِيهِ ذُو الْقَصْرِ مَذْهَبًا وَذُو الْبَدَلِ الوَجْهانِ عَنْهُ مُسَهِّلا
ذكر في هذا البيت تفريع ما يقتضيه الخلاف في البيت السابق على التقديرين: من أن الهاء للتنبيه أو بدل من همزة، ونبه بقوله: ويقصر على أن كلامه في من في قراءته ألف، فخرج من ذلك قنبل وورش؛ إذ لا ألف في قراءتهما والقصر والمد لا يكونان إلا في حرف من حروف المد فقال: إذا حكمنا بأن الهاء للتنبيه صار المد في ذلك على قراءة من أثبت الألف من قبيل المنفصل مثل: "وما لنا أن لا".
وذلك أن ها كلمة وأنتم كلمة أخرى فيقصر من مذهبه القصر ويمد من مذهبه المد فخرج من هذا أن للبزي والسوسي القصر ولقالون والدوري خلاف تقدم، لكن على رواية المد لهما يتجه ههنا خلاف آخر مأخوذ من قوله: وإن حرف مد قبل همز مغير البيت قد تقدم شرحه، والباقون على المد فقوله: وذو البدل يعني من ذكرنا أن الهاء في مذهبه بدل من الهمزة عنه وجهان في حال تسهيله فلا يكون ذلك إلا في مذهب الدوري وقالون على رواية أما السوسي فإنه من ذوي القصر مذهبا، وأما ورش فلا ألف في قراءته فلا مد، وعلى الوجه الآخر الذي أبدل فيه الهمزة ألفا: مده بمقدار نطقه بألف نحو قال وباع لا زيادة عليه بقي من ذوي البدل هشام فله المد قولا واحدا؛ لأنه ليس بمسهل وكل هذا تفريع على أن "ها" للتنبيه لأصحاب البدل وغيرهم أما إذا قلنا إن الهاء بدل من الهمزة فالكل مستوون في المد بمقدار ألف كما يقرءون: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ ٢.
وكما يقولون: قال وباع؛ لأنها ألف بين همزتين فليس هذا من المد المنفصل ولا المتصل، وقول الناظم وذو البدل وإن كان يعني به بدل الهاء من الهمز فلم يقل ذلك ليبني الخلاف على البدل؛ ذ لا مناسبة في ذلك، وإنما ذكره تعريفا لمن عنه الوجهان لا شرطا، فقال من ذكرنا: إن الهاء مبدلة من همزة في مذهبه إذا فرعنا على أنها أيضا في حقه للتنبيه هل يكون له مد نظر، إن كان مسهلا فوجهان؛ لأن الألف حرف مد قبل همز مغير وإن كان محققا مد بلا خلاف وهو هشام، هذا قياس مذهبهم وما يقتضيه النظم والمعنى فلا تختلف القراءة بالمد والقصر إلا على قولنا إن ها للتنبيه فما فرع الناظم إلا على هذا القول، ولم يفرع على قول البدل لوجهين؛ أحدهما: أن كون ها للتنبيه هو الأصح على ما اخترناه في شرح البيت السابق، الثاني: أنه ترك التفريع على ذلك لظهوره؛ لأنه لا يقتضي تفاوتا في المد للجميع؛ لأن التقدير تقدير: أنهم أدخلوا ألفا بين همزتين بعضهم جرى على أصله وبعضهم خالف في ذلك أصله وإدخال ألف بين همزتين لا يختلف في النطق
١ سورة الأحزاب، آية: ١٨.
٢ سورة يس، آية: ١٠.


الصفحة التالية
Icon