وما جاء من لفظ قيل فهو فعل ماضٍ: ﴿وَغِيضَ الْمَاءُ﴾، ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ﴾، ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ﴾، ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ﴾، ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ﴾ موضعان في آخر الزمر، "وسيء بهم" في هود والعنكبوت، و ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
فأطلق هذه الأفعال ولم يبين مواضع القراءة وفيها ما قد تكرر والعادة المستمدة منه فيما يطلق أن يختص بالسورة التي هو فيها كما في "يكذبون" السابقة ولكن لما أدرك مع قيل هذه الأفعال الخارجة عن هذه السورة كان ذلك قرينة واضحة في طرد الحكم حيث وقعت، قيل: وغيرها من هذه الأفعال، ورجال فاعل يشمها وضما مفعول ثانٍ والمراد بالإشمام في هذه الأفعال أن ينحى بكسر أوائلها نحو الضمة وبالياء بعدها نحو الواو فهي حركة مركبة من حركتين كسر وضم؛ لأن هذه الأوائل، وإن كانت مكسورة فأصلها أن تكون مضمومة؛ لأنها أفعال ما لم يسم فاعله، فأشمت الضم دلالة على أنه أصل ما يستحقه وهو لغة للعرب فاشية، وأبقوا شيئا من الكسر تنبيها على ما استحقته هذه الأفعال من الاعتلال، ولهذا قال: لتكملا أي لتكمل الدلالة على الأمرين، وهذا نوع آخر من الإشمام غير المذكور في الأصول وقد عبروا عنه أيضا بالضم والروم والإمالة، ومنهم من قال: حقيقته أن تضم الأوائل ضما مشبعا، وقيل مختلسا، وقيل بل هو إيماء بالشفتين إلى ضمة مقدرة مع إخلاص كسر الأوائل، ثم القارئ مخير في ذلك الإيماء إن شاء قبل اللفظ أو معه أو بعده، والأصح ما ذكرناه أولا، ومن أخلص الكسر فلأجل الياء الساكنة بعده كميزان وميقات وهو اللغة الفاشية المختارة، وقال مكي: الكسر أولى عندي كما كان الفتح أولى من الإمالة ونافع وابن ذكوان جمعا بين اللغتين، ورسا أي استقر وثبت وأنبلا أي زائد النبل وأما قيل الذي هو مصدر فلا يدخل في هذا الباب؛ إذ لا أصل له في الضم وهو في نحو: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ﴾ ﴿إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا﴾ ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾.
والرمز في هذين البيتين: رجال لتكملا كما رسا كان راويه أنبلا والله أعلم.
٤٤٨-

وَهَا هُوَ بَعْدَ الْوَاوِ وَالفَا وَلاَمِهَا وَهَا هِيَ أَسْكِنْ "رَ"اضِياً
"بَـ"ـارِدًا "حَـ"ـلا
أي إذا كانت الهاء من لفظ هو والهاء من لفظ هي بعد واو أو فاء أو لام زائدة نحو: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ ﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ﴾، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ﴾، ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ﴾، ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾، ﴿لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾.
فأسكن الهاء في هذه المواضع الكسائي وقالون وأبو عمرو؛ لأن اتصال هذه الحروف بها صيرت الكلمة مشبهة لفظ عضد وكتف، فأسكنت الهاء كما أسكنا تخفيفا وقولنا: زائدة احتراز من نحو:


الصفحة التالية
Icon