وما أول الشيخ به الهمز لا ينفيه تخفيفه فإن "النبي" سواء كان من الإخبار أو غيره فتخفيف همزه جائز أو لازم والله أعلم.
٤٥٧-
وَقَالُونُ فِي الأَحْزَابِ فِي لِلنَّبيِّ مَعْ | بُيُوتَ النَّبيِّ اليَاءَ شَدَّدَ مُبْدِلا |
يريد قوله تعالى:
﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾، و
﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾، خالف قالون أصله في الهمز في هذين الموضعين فقرأهما كالجماعة اعتبارا لا أصل له آخر، تقدم في باب الهمزتين من كلمتين لأجل أن كل واحد من هذين الموضعين بعده همزة مكسورة، ومذهبه في اجتماع الهمزتين المكسورتين أن يسهل الأولى إلا أن يقع قبلها حرف مد، فتبدل، فيلزمه أن يفعل ههنا ما فعل في: "بِالسُّوءِ إِلَّا"؛ أبدل ثم أدغم غير أن هذا الوجه متعين هنا لم يرو غيره، وهذا يفعله قالون في الوصل دون الوقف؛ لأن الوقف لا يجتمع فيه الهمزتان فإذا وقف وقف على همزة لا على ياء، وقد أشار صاحب التيسير إلى ذلك حين قال، وترك قالون الهمز في قوله في الأحزاب:
﴿لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ﴾ ١، و
﴿بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ ٢ إلا في الموضعين في الوصل خاصة على أصله في الهمزتين المكسورتين.
٤٥٨-وَفي الصَّابِئِينَ الهَمْزَ وَالصَّابِئُونَ خُذْ | وَهُزْؤًا وَكُفْؤًا في السَّوَاكِنِ "فُـ"ـصِّلا |
أي خذ الهمز فيهما؛ لأنه الأصل، وروي الهمز رفعا على الابتداء، أي وفي "الصابئين" في البقرة والحج٣، وفي "الصابئون" في المائدة٤ الهمز، ثم قال: خذ أي خذ ما ذكرت بنية واجتهاد، يقال: صبأ يصبأ إذا خرج من دين إلى آخر، وأبدل نافع الهمز فكأنه من صبا بلا همز كرمى ورعى، فقرأ "الصابون" و"الصابين" كقولك الداعون والداعين، ومثل هذا البدل لا يكون إلا سماعا؛ لأنه همز متحرك بعد متحرك فهو كما قرئ:
﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ بالهمز وبالألف كما يأتي فاجتمع في قراءة نافع همز "النبي" وترك همز "الصابئين" والعكس الذي هو قراءة الجماعة أفصح وأولى، وهذا نحو مما مضى في قراءة ورش ترقيق الراءات وتغليظ اللامات، وأسند أبو عبيد عن ابن عباس أنه قال: ما "الخاطون" إنما هي "الخاطئون"، ما "الصابئون" إنما هي "الصابون"، قال أبو عبيد: وإنما كرهنا ترك الهمزة ههنا؛ لأن من أسقطها لم يترك لها خلفا بخلاف "النبيين" وقرأ حمزة وحده: "هزؤا"، و"كفؤا" بإسكان الزاي والفاء تخفيفًا، والأصل الضم وهو قراءة الجماعة، وقيل: هما لغتان ليست إحداهما