أمَّا "كن"، فإنه وإن كان على لفظ الأمر فليس بأمر ولكن المراد به الخبر أي يكون فيكون: أي يوجد بإحدائه فهو مثل أكرم بزيد أي إنه أمر بمعنى الخبر قال: ومنه: ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾، والتقدير: مده الرحمن وبنى أبو علي على هذا أن جعل فيكون بالرفع عطفا على كن من حيث المعنى وضعف عطفه على يقول لأن من المواضع ما ليس فيه يقول كالموضع الثاني في آل عمران وهو: ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
ولم ير عطفه على قال من حيث أنه مضارع فلا يعطف على ماض فأورد على نفسه عطف الماضي على المضارع في: ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت فقال: أمرُّ بمعنى: مررت فهو مضارع بمعنى الماضي، فعطف الماضي عليه.
قلت: و"يكون" في هذه الآية بمعنى "كان" فليجز عطفه على قال: ثم قال أبو علي: وقد يمكن أن يقول في قراءة ابن عامر لما كان على لفظ لأمر وإن لم يكن المعنى عليه حمل صورة اللفظ قال: وقد حمل أبو الحسن نحو قوله تعالى: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾.
على أنه أجرى مجرى جواب لأمر وإن لم يكن جوابا له في الحقيقة فكذلك قول ابن عامر: يكون قوله فيكون بمنزلة جواب الأمر نحو ائتني فأحدثك لما كان على لفظه.
٤٧٥-

وَفي آلِ عِمْرَانٍ في الُاولَى وَمَرْيَمٍ وَفِي الطَّوْلِ عَنْهُ وَهْوَ بِاللَّفْظِ أُعْمِلا
أي في الآية الأولى وهي التي بعد يكون فيها: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ﴾ ١؛ احترازا من الثانية، وهي التي بعدها: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ ٢.
والتي في مريم بعدها: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ ٣. والطول سورة غافر والتي فيها بعدها: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾ ٤.
والضمير في عنه: لابن عامر، وقوله: وهو يعني النصب باللفظ أعملا أي اعتبر فيه لفظ الأمر،
١ آل عمران، آية: ٤٨.
٢ آل عمران، آية: ٦٠.
٣ مريم، آية: ٣٦.
٤ غافر، آية: ٦٩.


الصفحة التالية
Icon