مالك ها مصحف عثمان عندي، ثم دعا به فإذا فيه كما قرأ أهل دمشق، قال أبو بكر: وكذلك رأيت أنا في مصاحفهم وكذلك هو إلى وقتنا هذا قال: وفي سائر المصاحف: ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ مكتوب بالياء في جميع القرآن إلا في البقرة فإن فيها بغير ياء، وقال مكي الألف لغة شامية قليلة، قال أبو الحسن محمد بن الفيض: سمعت أبي يقول: صلى بنا عبد الله ابن كثير القارئ الطويل فقرأ: "وإذ قال إبراهام لأبيه"١، فبعث إليه نصر بن حمزة -وكان الوالي بدمشق إذ ذاك- فخفقه بالدرة خفقات ونحاه عن الصلاة، قال الأهوازي: لعله جعل ذلك سببا لشيء كان في نفسه عليه والله أعلم وأحكم.
قلت: ويحتمل أنه فعل به ذلك؛ لكون هذا الموضع ليس من المواضع المذكورة المعدودة ثلاثة وثلاثون أو لأنه لما ترك أهل الشام ذلك استغرب منه ما قرأ وخاف من تجرؤ الناس على قراءة ما ليس بمشهور في الصلاة، فأدبه على ذلك والله أعلم.
٤٨٢-
وَوَجْهَانِ فِيهِ لاِبْنِ ذَكْوَانَ ههُنَا | وَوَاتَّخِذُوا بِالفَتْحِ عَمَّ وَأَوْغَلا |
فهذا وجه الخلاف، وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ يقرأ بكسر الخاء وفتحها، فهو بالكسر أمر وبالفتح خبر، وإنما جعل الفتح أعم؛ لأن الضمير يرجع إلى عموم الناس فيكون الفعل موجها إلى الأمم قبلنا نصا، وإلينا بطريق الاتباع لهم؛ لأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ وأما قراءة الكسر فتختص بالمأمورين، ويجوز أن يكون التقدير: وقلنا لهم: "اتخِذوا"، فيتحد العموم في القراءتين وهذا الوجه أولى وقوله: وأوغلا أي أمعن من الإيغال وهو السير السريع والإمعان فيه:
٤٨٣-
وَأَرْنَا وَأَرْنِي سَاكِنَا الكَسْرِ "دُ"مْ "يَـ"ـدًا | وَفي فُصِّلَتْ "يُـ"ـرْوِي "صَـ"ـفًا "دَُ"رِّهِ "كُـ"ـلا |