أو يكون على الالتفات، ورؤف ورءوف لغتان، ولا يختص لخلاف في رءوف بما فيه هذه السورة فكان حقه أن يقول جميعا أو نحو ذلك وكان الأولى لو قال:
صحاب كفى خاطب تقولون بعد أم وكل رءوف قصر صحبته حلا
٤٨٦-

وَخَاطَبَ عَمَّا يَعْمَلُونَ "كَـ"ـمَا "شَـ"ـفَا وَلاَمُ مُوَلِّيهَا عَلَى الفَتْحِ "كُـ"ـمِّلاَ
يريد الذي بعده: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ﴾، وهو ملتبس بالذي في آخر الآية التي أولها: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾.
ولا خلاف في الخطاب فيها وإن اختلفوا في: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾، وسببه أنه جاء بعد: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾ ما قطع حكم الغيبة، وهو: ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ﴾، ويزيل هذا الالتباس كونه ذكره بعد رءوف، وذلك في آخر الآية التي بعد آية رءوف، فالخطاب للمؤمنين، والغيبة لأهل الكتاب، وفتح ابن عامر اللام من قوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾، فانقلبت الياء ألفا، وإنما قال: كملا؛ لأن قراءة ابن عامر لا تحتاج إلى حذف مفعول أي لكل فريق وجهة هو موليها مبني لما لم يسم فاعله؛ لأن مولى بفتح اللام اسم مفعول وبكسرها اسم فاعل، فعلى قراءة الجماعة يحتاج مولى إلى مفعولين حذف أحدهما، والفاعل هو الله تعالى أو الفريق أي الله موليها إياهم أو الفريق موليها نفسه.
٤٨٧-
وَفي يَعْمَلُونَ الغَيْبَ "حَـ"ـلَّ وَسَاكِنٌ بِحَرْفَيْهِ يَطَّوَّعْ وَفي الطَّاءِ ثُقِّلا
يعني الذي بعده: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾، الخطاب للمؤمنين، والغيبة لأهل الكتاب، والهاء في بحرفيه عائدة إلى يطوع أي وتطوع ساكن في موضعيه وهما: ﴿أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، وقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾، ويعني بالساكن العين؛ لأنه فعل مستقبل، فانجزم بالشرط، وعلامة الجزم هنا السكون، وإنما عدل عن لفظ الجزم إلى لفظ السكون، وكان لفظ الجزم أولى من حيث أن يطوع فعل مضارع معرب؛ لأن الجزم في اصطلاحه ضده الرفع، وضد السكون الحركة المطلقة، وهي في اصطلاحه الفتح، وهو المراد هنا في قراءة الباقين لا الرفع، فاستعمل اللفظ الموافق لغرضه مع أن الضد وهو الفتح حركة بناء، فلم يكن له بد من تسمح، وهذا كما يأتي في قوله: تضارر، وضم الراء حق، ونحوه وقراءة الجماعة على أن تطوع فعل ماضٍ


الصفحة التالية
Icon