أي الطائفة الأخرى منهم، قلت: يجوز أن يكون أنث باعتبار المدلول، كما ذكرنا في شرح قوله: غير عشر ليعدلا؛ لأن السكون واقع في حرف من حروف الهجاء، وأسماء حروف الهجاء يجوز تأنيثها، فأنث لفظ أولى بهذا الاعتبار، وذكر لفظ الساكنين على الأصل، ويجوز أن يكون التأنيث في أولى باعتبار الحركة؛ أي: أولى حركتي الساكنين؛ وذلك لأن الساكنين متى التقيا فتارة يحرك الأول، وتارة يحرك الثاني نحو من الرجل وانطلق لما سكنت اللام تخفيفا كما جاء في خاء فخذ، وكانت القاف ساكنة للأمر فتحت القاف؛ لالتقاء الساكنين، فحركة الساكن الأول في من الرجل هي أولى حركتي الساكنين، ولا يحرك الساكن الأول إلا إذا كان التقاء الساكنين في كلمتين أو ما هو في حكم الكلمتين كهمزة الوصل، أو تقول الحركة الأولى هي حركة الساكن الأول في الوصل، والحركة الثانية هي حركة الهمزة إذا ابتدأت بها، ووقفت على الأول والحركتان معا لا يجتمعان فمهما حركت الأول بطلت حركة الهمزة وإذا بطلت حركة الأول تحركت الهمزة، وقوله: لثالث بضم؛ أي: لحرف ثالث مضموم وعده إياه ثالثا بأحد اعتبارين: أحدهما أنه عبد قبله الساكن وقبل الساكن همزة الوصل اعتبارا بالكلمة لو ابتدئ بها؛ لأن الكلام في مثل انقص واخرج، ولأن ذلك في الخط أربعة أحرف الثالث منها هو المضموم، الثاني أنه عد ذلك ثالثا باعتبار الساكن الأول؛ لأن الحكم متعلق به فبعده في الوصل الساكن الثاني وبعدهما الحرف المضموم، وهمزة الوصل انحذفت في الدرج، فالتقى الساكن الذي هو آخر الكلمة بالساكن الذي هو بين همزة الوصل والحرف المضموم، فوجب تحريك الأول، فمنهم من كسر على أصل التقاء الساكنين ومنهم من ضم للاتباع كراهة الخروج من كسر إلى ضم ولم يعتد بالحاجز؛ لأنه ساكن فهذا معنى التعليل المفهوم من قوله: لثالث يضم وهذا التعليل بمجرده لا يكفي فكم من ضمة لازمة لا يضم لها الساكن الأول نحو: ﴿قُلِ الرُّوحُ﴾.
وشبهه كما يأتي فلا بد من أن يضم إلى ذلك الدلالة على حركة همزة الوصل المحذوفة في ذلك وهي الضمة، وقوله: لزوما؛ أي: ذا لزوم، واللزوم مصدر لزمت الشيء ألزمه لزوما؛ أي: يكون الضم لازما لا عارضا، وذلك مثل أخرج ادعوا ضمة الراء والعين لازمة لهذه البنية مستحقة فيها بطريق الأصالة احترز بذلك من الضمة العارضة غير اللازمة وذلك نحو: ﴿إِنِ امْرُؤٌ﴾.
فإن ضمة الراء إنما جاءت لأجل ضمة الهمزة فلو فتحت الهمزة أو كسرت لفتحت الراء وكسرت، وكذلك الضمة في قوله تعالى: ﴿انِ امْشُوا﴾ ؛ لأن حق هذه الشين أن تكون مكسورة وأصله امشيوا كاضربوا، وكذلك ضمة الإعراب في نحو: ﴿بِغُلامٍ اسْمُهُ﴾، ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾، فكل هذا يكسر فيه أول الساكنين، ولا يضمه أحد لأجل عروض الضمة في الثالث، والتمثيل بقوله: "عُزَيْرٌ" إنما ينفع في قراءة من نونه، والذي نونه اثنان: عاصم والكسائي، فكلاهما بكسر التنوين.