أبو عمرو وابن كثير، فرفعا الأولين على أن المراد النهي عنهما، وإن أتيا بلفظ الخبر؛ أي: فلا يكونن رفث وهو الجماع، ولا فسوق، وهو السباب أو المعاصي، وأما ولا جدال فهو إخبار محض؛ أي: قد ارتفع المراء في زمن الحج وفي مواقفه بعد ما كان الاختلاف فيه بين العرب من النسيء، ووقوف بعضهم بعرفة وبعضهم بمزدلفة، وفي الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، فاشترط عدم الرفث والفسوق، ولم يذكر الجدال فدل على أن سياقه في الآية لمعنى آخر غير ما سيق له الرفث والفسوق، وهو ما ذكرناه وقراءة الجماعة تحتمل هذا التفريق أيضا، ويحتمل أن يكون الجميع منهيا عنه والمراد به مخاصمة الرفقاء والخدم والمكاريين، ويحتمل هذا المعنى قراءة أبي عمرو أيضا، وتكون على لغة من غاير في الإعراب فقال: لا حول ولا قوة، والرفع في الآية أقوى منه في الحوقلة؛ لتكرر المرفوع قبل المفتوح، وقوله: حقا مصدر مؤكد لقوله: نونه بالرفع، وزان مجملا معطوف على الفعل الذي نصب حقا؛ أي: حق ذلك حقا، وزان القارئ الذي حمل هذه القراءة لحسن المعنى الذي ذكرناه في التفريق بين الثلاثة والله اعلم.
٥٠٤-
وَفَتْحُك سِينَ السِّلْمِ "أ"صْلُ "رِ"ضًى "دَ"نَا | وَحَتَّى يَقُولَ الرَّفْعُ فِي الَّلامِ "أُ"وِّلا |
فعلى تأويل أن الفعل بمعنى المضي أي: حتى قال الرسول أو هي حكاية حال ماضية، والفعل إذا كان كذلك ووقع بعد حتى رفع، ووجه النصب أن يكون الفعل مستقبلا، وإذا كان كذلك نصبته على تقدير إلى أن يقول، أو كي يقول على ما عرف في علم النحو والله أعلم.
٥٠٥-
وَفي التَّاء فَاضْمُمْ وَافْتَحِ الجِيمَ تَرْجِعُ الـ | ـأُمُورُ "سَمَـ"ـا نَصَّا وَحَيْثُ تَنَزَّلا |