يعني: ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ ١، ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾.
وفي الحجرات: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ ٢.
قرأها حمزة والكسائي من الثبات في الأمر والثبت هو خلاف الإقدام والمراد: التأني وخلاف العجلة ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
أي وأشد وفقا لهم عما وعظوا بأن لا يقدموا عليه وقرأها الباقون من بيان الأمر وهو ثمر التثبت فيه فيستعمل في موضعه قال الأعشى:
كما راشد تجدن أمرا تبين ثم ارعوى أو قدم
قدم؛ أي: أقدم قال أبو علي: فاستعمل التبيين في الموضع الذي يقف فيه ناظرا في الشيء حتى يقدم عليه أو يرتدع عنه، وقال في موضع: الزجر النهي والتوقف:
لزيد مناةَ توعِدُ يا ابن تيم | تبيَّن أين تاه بك الوعيد |
فإن قلت: فلقائل أن يقول: ينبغي أن يؤخذ لها ما يرمز به في المسألة التي بعدها كما أنه جمع بين مسألتين لرمز واحد فيما مضى في البقرة، وهما: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾، و ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾، وجمع بين ثلاث مسائل لرمز واحد في آل عمران في البيت الذي أوله: "سنكتب".
قلت: اهتمامه ببيان قراءة الغير في هذا البيت قطع ذلك الاحتمال؛ لأنه يعلم أنه ما شرع في بيان قراءة الغير إلا وقد تم بيانه للقراءة الأخرى قيدا ورمزا، فتعين اعتبار الرمز السابق؛ إذ ليس غيره فكأنه قال: اشما،
١ و٢ سورة البقرة، آية: ١١٦ و١١٧.