وتوجيههم لمعانيها إذ يحتمل أن يكون من أكذبته؛ أي: وجدته كاذبا وأكذبته أيضا إذا نسبته إلى الكذب كقول الكميت:
فطائفة قد أكفرتني بحبكم
أي نسبتني إلى الكفر.
٦٣٨-

أَرَيْتَ فِي الِاسْتِفْهَامِ لا عَيْنَ "رَ"اجِعٌ وَعَنْ نَافِعٍ سَهِّلْ وَكَمْ مُبْدِلٍ جَلا
يعني: إذا جاء لفظ رأيت أو رأيتم بعد همزة الاستفهام فالكسائي وحده يسقط عين الكلمة وهي الهمزة؛ لأنها عين الفعل تخفيفا لاجتماعها مع همزة الاستفهام وهي لغة للعرب مشهورة كقوله:
أرَيت امرءا كنت لم أبله أتاني فقال اتخذني خليلا
وقد أجمع على إسقاطها في المضارع نحو "يرى" مع الاستفهام وغيره فلم ترجع في الماضي في هذا الموضع وهو الاستفهام فقوله: راجع صفة لعين؛ أي: باعتبار الموضع، ويحوز نصبه على هذا نحو: لا رجل ظريفًا فيها ولا رجل ظريفٌ فيها كلاهما لغة، وخبر لا محذوف، ؛ أي: راجع فيه ولو جعلت راجع خبر لا لم يبق عائد إلى المبتدأ الذي هو رأيت فهذا كقولك: زيد لا غلام ظيف له أو في الدار، ويجوز أن يكون راجع خبر المبتدأ ولا عين على تقدير لا عين فيه جملة حالية، ؛ أي: رأيت محذوف العين راجع في المعنى إلى الثابت العين؛ لأنهما لغتان بمعنى واحد، وهذا الوجه أولى؛ ليكون قد رمز بعد كمال التقييد، وعلى الوجه الأول يلزم أن يكون راجع من جملة التقييد وهو رمز، وليس ذلك من عادته، ولأن هذا الباب لو فتح للزم أن تكون كلمات التقييد رمزا وإلا فجعل البعض رمزا دون بعض فيه إلباس، وقد سبق التنبيه على أن لفظ فيه في قوله: وكسر لما فيه ملبس وأنه لو قال: فضم سكونا فيه لكان فيه محتملا للتقييد وهو رمز، وأما قوله: وفي ونكون انصبه فلو لم يكن ظاهرا كل الظهور أن لفظ النصب لا يأتي إلا بيانا للقراءة وتقييدا لها، وإلا لأوهم أنه رمز نافع، ولم تكن له حاجة بذلك البيان فإن الكلمة التي قبلها مثلها في القراءة، فكانت الثانية داخلة في قيدها وهذه عادته كقوله فيما يأتي: إذا فتحت شدد لشام وههنا، فتحنا ولم يحتج أن يعيد لفظ شدد، وكذا: وإن بفتح عم نصر أو بعدكم نما، وكذا: وينذر صندلا، ولم يحتج أن يقول بالغيب، وقال بعضهم تقدير البيت: اذكر رأيت كائنا في الاستفهام ثم قال: وعن نافع سهِّل؛ أي: جعل الهمزة التي أسقطها الكسائي بين بين على قياس تخفيف الهمز وأبدلها جماعة من مشايخ مشيخة المصريين لورش ألفا وهذا على ما تقدم له من الخلاف في "أنذرتهم" "وأنتم" والله أعلم.
٦٣٩-
إِذَا فُتِحَتْ شَدِّدْ لِشَامٍ وَههُنَا فَتَحْنا وَفِي الأَعْرَافِ وَاقْتَرَبَتْ كَلا
يعني: ﴿إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ ١، ﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ٢، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ﴾ ٣، ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ﴾ ٤.
١ سورة الأنبياء، آية: ٩٦.
٢ سورة الأنعام، آية: ٤٤.
٣ سور الأعراف، آية، ٩٦.
٤ سورة القمر، آية: ١١.


الصفحة التالية
Icon