قلت: وقيل: المعنى: تفرق جمعكم وتشتت، وقيل اتسع في الظرف فأسند الفعل إليه مجازا كما أضيف إليه في قوله تعالى: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ ١، و ﴿مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ ٢، و ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾.
وقال عنترة:
وَكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشِيَّةً | بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ |
وقول أبي عمرو: لقد تقطع وصلكم يعني: أن البين يطلق بمعنى الوصل فلا يكون الظرف متسعا فيه هذا وجه آخر وقراءة النصب على أنه ظرف على أصله والفاعل مضمر دل عليه سياق الكلام؛ أي: لقد تقطع الاتصال بينكم، وقيل: لقد تقطع الذي بينكم، فحذف الموصول، وقيل: تقطع الأمر بينكم، وقيل: بينكم صفة موصوف محذوف؛ أي: لقد تقطع وصل بينكم كقولهم: ما منهما مات، أي: أحد مات وقيل الفاعل:
﴿مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ؛ أي: لقد تقطع وصل ما زعمتم، كقولك: قام وقعد زيد فأحد الفعلين رافع للفاعل الموجود والآخر فاعله مضمر؛ لدلالة الموجود عليه، وأما قوله: تعالى: "وجاعل الليل سكنا"٣، فهذه القراءة موافقة لقوله تعالى:
﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ﴾ ٤؛ كلاهما اسم فاعل أضيف إلى مفعوله، وقرأه الكوفيون:
﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ﴾ جعلوه فعلا ماضيا ومفعولا به؛ لأن فالق بمعنى فلق، فعطفوا "وجعل" عليه أراد فتح الكسر في العين وفتح الرفع في اللام، ومعنى ثمل أصلح والله أعلم.
٦٥٦-وَعَنْهُمْ بِنَصْبِ اللَّيْلِ وَاكْسِرْ بِمُسْتَقَرْ | رٌ القَافَ "حَـ"ـقًّا خَرَّقُوا ثِقْلُهُ "ا"نْجَلا |
أي عن الكوفيين؛ لأنه صار مفعولا وفي قراءة الباقين هو مضاف إليه فكان مجرورًا، وقوله: سبحانه بعد ذلك:
﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ بالنصب يقوي قراءة الكوفيين؛ أي: وجعل ذلك حسبانا، وقوله تعالى:
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ ٥، هما بفتح القاف والدال موضع الاستقرار والاستيداع، فالتقدير: فلكم متقر وهو حيث يستقر الولد في الرحم