وحاصل ما ذكروه ثلاثة أوجه: إدغام إحدى النونين في الأخرى إدغاما محضا بغير إشمام، إدغام محض مع الإشمام، إخفاء لا إدغام؛ وهذه الوجوه الثلاثة هي المحكية عن أبي عمرو في باب الإدغام الكبير، فالإخفاء هو المعبر عنه بالروم، ولم يذكر الشاطبي في نظمه هنا غير وجهين: الإخفاء في هذا البيت والإدغام مع الإشمام في البيت الآتي، ومال صاحب التيسير إلى الإخفاء، وأكثرهم على نفيه، قال في التيسير: مالك لا تأمننا بإدغام النون الأولى في الثانية وإشمامها الضم، قال: وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها، فيكون ذلك إخفاء لا إدغاما صحيحا؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا بل يضعف الصوت بها، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك، وهذا قول عامة أئمتنا وهو الصواب؛ لتأكيد دلالته وصحته في القياس، فهذا معنى قول الناظم: "للكل يخفى مفصلا"؛ أي: نفصل إحدى النونين عن الآخر بخلاف حقيقة الإدغام، وقال أبو بكر ابن مهران في كتاب الإدغام: "مالك لا تأمننا" بالإشارة إلى الضمة وتركها قال: ولم يحك عن أحد منهم إلا الإدغام المحض من أشار منهم ومن ترك، ولو أراد من أشار الإخفاء دون الإدغام لفرقوا وبينوا، وقالوا: أدغم فلان وأخفى فلان فلما قالوا: أدغم فلان وأشار وأدغم فلان ولم يشر درينا أنهم أرادوا الإدغام دون الإخفاء، وأنه لا فرق عندهم بين الإشارة وتركها والله أعلم، وقال صاحب الروضة: لا خلاف بين جماعتهم في التشديد والله أعلم.
٧٧٤-
وَأَدْغَمَ مَعْ إِشْمَامِهِ البَعْضُ عَنْهُمُ | وَنَرْتَعْ وَنَلْعَبْ يَاءُ "حِصْنٍ" تَطَوَّلا |
ليوسف والنون لجميع الإخوة، ثم ذكر خلاف القراء في العين فقال:
٧٧٥-
وَيَرْتَعْ سُكُونُ الكَسْرِ فِي العَيْنِ "ذُ"و "حِـ"ـمًا | وَبُشْرَايَ حَذْفُ الْيَاءِ "ثَـ"ـبْتٌ وَمُيِّلا |