معا؛ يعني: هنا وفي الرعد: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ ١، ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٢، ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ ٣، ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ﴾ ٤، ﴿وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ ٥؛ فهذه خمسة مواضع استفعل فيها بمعنى: فعل كاستعجب واستسخر بمعنى عجب وسخر وكلها من اليأس من الشيء وهو عدم توقعه لا التي في الرعد قيل: إنها بمعنى علم فقراءة الجماعة في هذه المواضع على الأصل الهمز فيها بين الياء والسين، وروي عن البزي أنه قرأها بألف مكان الياء، وبياء مكان الهمزة وكذلك رسمت في المصحف وحمل ذلك على القلب والإبدال قال أبو علي: قلبت العين إلى موضع الفاء فصار استفعل وأصله استيأس، ثم خفف الهمزة وأبدلها ألفا؛ لسكونها وانفتاح ما قبلها، فصار مثل راس وفاس فهذا معنى قول الناظم: اقلب وأبدلا، ولم يذكر ما هو المقلوب وما هو المبدل، وأراد بالقلب التقديم والتأخير، وعرَّفنا أن مراده تقديم الهمزة على الياء قولُه: وأبدلا؛ فإن الإبدال في الهمز ثم لم يبين أي شيء يبدل بل أحال ذلك على قياس تسهيلها؛ لأنها إذا جعلت في موضع الياء، وأعطيت حكمها بقيت ساكنة بعد فتح وبقيت الياء مفتوحة على ما كانت عليه الهمزة، ثم لما اتصفت الهمزة بالسكون جاز إبدالها ألفا، فقرأ البزي بذلك في وجه، وإن لم يكن من أصله إبدال الهمزة المنفردة كما أنه سهل همزة: "لاعْنَتَكُمْ" بين بين في وجه وإن لم يكن ذلك من أصله جمعا بين اللغات؛ القلب في هذه اللغة في الفعل الماضي يقال: "يئس" و"أيس" فيبنى المضارع على ذلك، فقراءة الجماعة من لغة "يئس" وهي الأصل عندهم، وقراءة البزي من لغة "أيس" فمضارعه ييأس، وأراد الناظم وأبدلن فأبدل النون ألفا.
٧٨٣-
وَيُوحى إِلَيْهِمْ كَسْرُ حَاءِ جَمِيعِهَا | وَنُونٌ علًا يُوحي إِلَيْهِ "شَـ"ـذًا "عَـ"ـلا |
٢ سورة الرعد، آية: ٣١.
٣ سورة يوسف، آية: ١١٠.
٤ سورة يوسف، آية: ٨٠.
٥ سورة يوسف، آية: ٨٧.