﴿فَمَنِ اتَّبَعَ﴾ وقال: ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ ١، ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ ٢، وهذه المواضع مجمع عليها، واختلف هنا وفي الذي في آخر الأعراف والشعراء، وقيل: "أتبَعَ" يتعدى إلى لمفعولين بدليل: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ ٣.
فالتقدير: أتبع أمره سببا وقيل: اتبع الحق واتبع بمعنى، واختار أبو عبيد قراءة التشديد، قال: لأنها من المسير إنما هي افتعل من قولك: تبعت القوم، أما الإتباع بهمز الألف فإنما معناه اللحاق كقولك: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾، ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ﴾، ونحوه، واختار الفراء قراءة التخفيف فقال: "أتبع" أحسن من "اتبع"؛ لأن اتبعت الرجل إذا كان يسير وأنت تسير وراءه فإذا قلت: أتبعته فكأنك قفوته، قال أبو جعفر النحاس: وغيره الحق أنهما لغتان بمعنى السير، فيجوز أن يكون معه اللحاق وأن لا يكون.
قلت: ومعنى الآية: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ؛ أي: من أسباب كل شيء أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه سببا طريقا موصلا إليه، والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة، وآلة: فأراد بلوغ المغرب، ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ يوصله إليه: "حتى بلغ"، وكذلك أراد بلوغ المشرق، ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾، وأراد بلوغ السدين ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾.
هذه عبارة الزمخشري في ذلك، وقال أبو علي: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ بالخلق إليه حاجة سببا؛ أي: علما ومعونة له على ما مكناه فيه فاتجه في كل وجه وجهناه له، وأمرناه به للسبب الذي ينال به صلاح ما مكن منه وقوله:

١ سورة الصافات، آية: ١٠.
٢ سورة الشعراء، آية: ٦٠.
٣ سورة القصص، آية: ٤٢.


الصفحة التالية
Icon