يريد قوله سبحانه: ﴿بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ و ﴿صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ بالتخفيف والتشديد، قيل: هما سواء "وظنه" مفعول به يقال: وعد مصدوق ومكذوب، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ ١.
ومن أبيات الحماسة:
فوارس صدقوا فيهم ظنوني
أي: كان منهم ما ظننت فيهم وكذا إبليس ظن أنه يقويهم إلا قليلا فوقع ذلك وقيل: التقدير: في قراءة التخفيف في ظنه فحذف الجار متعدي الفعل فنصب وقبل التقدير: ظن ظنه نحو فعلته جهدك وقيل: في التشديد حق عليهم ظنه أو وجده صادقًا، وروى ظنه بالرفع على تخفيف صدق فيكون ظنه بدلا من إبليس وقيل: أيضا بجواز نصب إبليس، ورفع ظنه فكما صدق إبليس ظنه فكذا صدق ظنه وظنه هو قوله: لأغوينهم أجمعين قال ذلك ظنا.
٩٨١-

وَفُزِّعَ فَتْحُ الضَّمِّ وَالكَسْرِ "كَـ"ـامِلٌ وَمَنْ أَذِنَ اضْمُمْ "حُـ"ـلْوَ "شَـ"ـرْعٍ تَسَلْسَلا
الخلف في هذين الفعلين في إسناد الفعل إلى الفاعل وهو الله -عز وجل- أو لما لم يسم فاعله وكلاهما ظاهر فإن أسند فزع إلى الفاعل فالفاعل هو الله تعالى أو ما هناك من الحال قال ابن جني: إضمار الفاعل؛ لدلالة الحال عليه كثير منه ما حكاه سيبويه من قولهم: إذا كان غدًا فائتني، وكذلك قول الشاعر:
فإن كان لا يرضيك حتى تردني إلى قطري لا أخالك راضيا
أي: إن كان لا يرضيك ما جرى أو ما الحال عليه:
قلت: وقرئ شاذًّا فزع بتخفيف الزاي مع البناء للمفعول وقرئ أيضا بالراء المهملة والعين المعجمة مع البناء للفاعل أو المفعول والراء مشددة ومخففة فهذه ست قراءات مع البناء للمفعول واثنان مع البناء للفاعل ومفعول ما لم يسم فاعله قوله: ﴿عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ نحو سير عن البلد.
قال ابن جني: المعنى في جميع ذلك إذا كشف عن قلوبهم، وقوله: "حلو شرع" حال من مفعول اضمم.
٩٨٢-
وَفِي الغُرْفَةِ التَّوْحِيدُ "فَـ"ـازَ وَيُهْمَزُ التْـ ـتَنَاوُشُ "حُـ"ـلْوًا "صُحْبَةً" وَتَوَصُّلا
يريد: ﴿وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾، ووجه الجمع ظاهر كما جاء في موضع آخر: ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ ١، ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا﴾ ٢.
ووجه الإفراد قوله: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا﴾ فهو اسم جنس يراد به الجمع والكثرة والتناوش
١ سورة هود، آية: ٦٥.
٢ سورة الزمر، آية: ٢٠.
٣ سورة سبأ، آية: ٣٧.


الصفحة التالية
Icon