والسكت أي السكت المنسوب إليهم المختار فيه أن يكون دون تنفس فالمختار على هذا يكون مبتدأ ثانيا ويجوز أن يكون صفة السكت، ويجوز أن يكون خبره كأنه لما خير أولا بين الوصل والسكت أردفه بأن السكت هو المختار على ما أشرنا إليه في قوله: واسكتن، وقوله بعد ذلك: دون تنفس خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف أو حال من ضمير المختار، والإشارة بقولهم: "دون تنفس" إلى عدم الإطالة المؤذنة بالإعراض عن القراءة وإلا فلأواخر السور حكم الوقف على أواخر الآيات وفي أثنائها من الوقوف التامة والكافية فما ساغ ثم من السكوت فهو سائغ هنا وأكثر والله أعلم.
ثم قال: وبعضهم؛ أي: وبعض المشايخ من المقرئين الذين استحبوا التخيير بين الوصل والسكوت واختاروا في السكوت أن يكون دون تنفس اختاروا أيضا البسملة لهؤلاء الثلاثة في أوائل أربع سور هي القيامة والمطففين والبلد والهمزة دون سائر السور، قالوا: لأنهم استقبحوا وصلها بآخر السور قبلها من غير تسمية، وقوله: الزهر جمع زهراء تأنيث أزهر أي المضيئة المنيرة كنى بذلك عن شهرتها ووضوحها بين أهل هذا الشأن فلم يحتج إلى تعيينها.
١٠٤-
لَهُمْ دُونَ نَصٍّ وَهْوَ فِيهِنَّ سَاكِتٌ | لِحَمْزَةَ فَافهَمْهُ وَلَيْسَ مُخَذَّلا |
﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾ ١ بعد قوله: ﴿أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ ٢، وقوله: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ﴾ ٣ بعد قوله: ﴿وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ ٤.
ويمكن حمل قول الشاطبي -رحمه الله- وليس مخذلا على السكوت المفهوم من قوله: وهو فيهن ساكت أي ليس هذا السكوت مخذلا بل هو مختار لحمزة وغيره، ولقد أعجبني قول أبي الحسن الحصري:
ولم أقر بين السورتين مبسملا | لورش سوى ما جاءَ في الأربع الغر |
وحجتهم فيهن عندي ضعيفة | ولكن يقرون الرواية بالنصر |
٢ سورة غافر أيضًا، آية: ٦.
٣ سورة النساء، آية: ١١٤.
٤ النساء أيضًا آية، ١١٣.