تحذف الألف والياء لذلك فالجميع حرف علة والواو أثقلها فالحذف لها أقيس وأولى، قال الفراء: كل ياء أو واو تسكنان وما قبل الياء مكسور وما قبل الواو مضموم فإن العرب تحذفها وتجتزئ بالضمة من الواو وبالكسرة من الياء، قال أبو علي: حذفت الألف كما حذفت الياء وإن كان حذفهم لها أقل منه في الياء؛ لاستحقاقهم لها وذلك في نحو قولهم: أصاب الناس جهد ولوتر ما أهل مكة عليه، وقولهم: حاش لله، ورهط ابن المعلى فحذفها في الوقف للقافية كما حذفت الياء وقد حذفوا من "لم يك"، و"لا أدر". قلت: وفي القرآن: "يَوْمَ يَأْتِي"، و"ما كنا نبغي"، وإذا كان الأمر كذلك فحذف الواو من يعفو أولى؛ لأنها أثقل، وليشاكل ما قبله من المجزوم فهو كما قالوا في صرف "سلاسلا وقواريرا" كما يأتي، وكما رووا: "ارجعن مأزورات غير مأجورات"، ولما لم يمكن صورة الجزم في ميم "ويعلم" حركت بالحركات الثلاث، وذكر الزمخشري لقراءة النصب وجها آخر فقال: هو عطف على تعليل محذوف تقديره لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون، ونحوه في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن منه قوله تعالى: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾ وقوله: ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾. قلت: ومثله: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ﴾، ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾، ولكن كل هذه المواضع ذكر فيها حرف التعليل بعد الواو ولم يذكر في: ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ﴾.
وقال ابن القشيري في تفسيره: في بعض المصاحف "وليعلم" باللام فهذا يقوي قراءة النصب ويؤيد الوجه الذي ذهب إليه الزمخشري.
١٠١٩-

بِمَا كَسَبَتْ لا فَاءَ "عَمَّ" كَبِيرَ في كَبَائِرَ فِيها ثُمَّ فِي النَّجْمِ "شَـ"ـمْلَلا
سقطت الفاء من فيها في المصحف المدني والشامي، وثبتت في مصاحف العراق ووجه دخولها تضمين ما في قوله: وما أصابكم من مصيبة معنى الشرط وهي بمعنى الذي وإذا تضمن الذي معنى الشرط جاز دخول الفاء في حيزه وجاز حذفها، أما كبائر الإثم بالجمع فظاهر وقراءة الإفراد تقدم لها نظائر فهو في اللفظ إفراد يراد به الجمع؛ لأنه للجنس، واختار أبو عبيد الجمع فإن الآثار التي تواترت كلها بذكر الكبائر لم نسمع لشيء منها بالتوحيد ومعنى شملل: أسرع.
١٠٢٠-
وَيُرْسِلَ فَارْفَعْ مَعْ فَيُوحِي مُسَكِّنًا "أَ"تَانَا وَأَنْ كُنْتُمْ بِكَسْرٍ "شَـ"ـذَا العُلا
أي: فارفع الفعلين ألا أن "فيوحي" لما كان لا تظهر فيه علامة الرفع ألحق ذلك قوله: مسكنا وهو حال من فاعل ارفع؛ أي: ارفعه مسكنا له فهو مثل قوله: ناصبا كلماته بكسر لما كان المعلوم من النصب أن علامته الفتح بين هناك أن علامته الكسر ورفع يرسل على تقدير أو هو يرسل والنصب بإضمار أن فيكون عطفا على وحيا عطف مصدر على مثله من جهة المعنى، وقوله: فيوحي عطف على يرسل رفعا ونصبا وانتهى الخلاف في حروف "عسق"، وليس فيها من ياءات الإضافة شيء، وإنما فيها زائدة واحدة وهي: "وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي" أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وفي الحالين ابن كثير، ثم تمم البيت بذكر حرف من سورة الزخرف وهو:


الصفحة التالية
Icon