١٠٣٣-

وَوَالسَّاعَةَ ارْفَعْ غَيْرَ حَمْزَةَ حُسْنًا الْـ ـمُحَسِّنُ إِحْسَانًا لِكُوفٍ تَحَوَّلا
إعراب غير حمزة كما سبق في قوله: فأطلع ادفع غير حفص يريد: ﴿وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا﴾ نصبها عطف على لفظ: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ ورفعها عطف على موضع اسم إن أو على الابتداء قال أبو الحسن الأخفش الرفع أجود في المعنى وأكثر في كلام العرب إذا جاء بعد خبر إن اسم معطوف أو صفة أن يرفع قال أبو علي: يقوي ما ذهب إليه أبو الحسن قوله: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ لم تقرأ العاقبة فيما علمت إلا مرفوعة.
قلت: والأولى في تقدير قراءة الرفع العطف على موضع اسم إن؛ ليتحد معنى القراءتين ويكون قوله: لا ريب فيها جملة مستقلة فهي على وزان الآية التي في سورة الحج: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيَْ فِيهَا﴾، والمعنى: وإذا قيل: إن وعد الله حق وإن الساعة حق وذلك على وفق ما في الصحيحين من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام يتهجد: "أنت الحق ووعدك حق والساعة حق".
وأما: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ فهذه قراءة الجماعة كالتي في العنكبوت سواء وقراءة الكوفيين هنا: ﴿إِحْسَانًا﴾ اعتبارا بالتي في سورة البقرة والأنعام وسبحان، وذكر أبو عبيد أنها في المصاحف مختلفة أيضا فكلٌّ قرأ بما في مصحفه ومعنى إحسانا؛ أي: تحسن إليهما إحسانا ومعنى حسنا؛ أي: وصية ذات حسن؛ أي: تفعل بهما فعلا ذا حسن ولم يقرأ هنا بفتح الحاء والسين كما قرأ في البقرة: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ إلا في قراءة شاذة ووجهها ظاهر؛ أي: يفعل بهما فعلا حسنا، وقول الناظم: تحولا هو خبر حسنا؛ أي: تحولا حسنا إحسانا في قراءة الكوفيين وقوله: المحسن كلمة حشو لا تعلق لها بالقراء لا رمزا ولا تقييدا وهي صفة حسنا؛ أي: المحسن شرعا وعقلا، وإنه ليوهم أنه رمز لنافع وتكون قراءة غيره وغير الكوفيين حسنا بفتح الحاء والسين كما قرأ به في البقرة وترك قيدها؛ لظهورها فليس بأبعد من قوله في سورة طه: "وأنجيتكم"، "واعدتكم" ولو أنه قال: حسنا الذي بعد إحسانا لم يوهم شيئا من ذلك؛ لأنه كالتقييد للحرف.
١٠٣٤-
وَغَيْرُ "صِحَابٍ" أَحْسَنَ ارْفَعْ وَقَبْلَهُ وَبَعْدُ بِياء ضُمَّ فِعْلانِ وُصِّلا
أي: وقراءة غير صحاب أحسن ثم بينها بقوله: ارفع؛ أي: بالرفع وقال الشيخ: التقدير: أحسن ارفع لهم قال: ويجوز نصب غير على إسقاط الخافض وتقديرا حسن ارفع لغير صحاب.
فإن قلت: لو أراد ذلك لقال لغير صحاب.
قلت: إنما عدل إلى الواو؛ لأنها تفصل بين المسألتين، يريد: ﴿أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ وقبل أحسن وبعده فعلان وصلا بياء ضمت هذا تقدير النظم ومعناه أن الجماعة قرءوا يتقبل ويتجاوز على بناء الفعلين لما لم يسم فاعله فأولهما ياء مضمومة وأحسن مرفوع؛ لأنه مفعول ما لم يسم فاعله وقراءة صحاب بنون العظمة المفتوحة على بناء الفعلين للفاعل وأحسن منصوب؛ لأنه مفعول يتقبل الذي قبله ومفعول يتجاوز قوله: عن سيئاتهم.


الصفحة التالية
Icon