مبتدئا، ثم قال: وفي الأجزاء أي وفي ابتداء الأجزاء والأحزاب والأعشار وغير ذلك، ويجمع ذلك أن تقول: كل آية يبتدأ بها غير أوائل السور خير المشايخ فيه فسوغوا البسملة فيه؛ لأنه موضع ابتداء في الجملة كما يسمى في ابتداء الوضوء والأكل والشرب ومن تلا فاعل خير وتلا بمعنى قرأ كنى بذلك عن أهل الأداء ولو كان خُير بضم الخاء وكسر الياء لكان حسنا أي خير التالي وهو القارئ في ذلك والله أعلم.
١٠٧-
وَمَهْمَا تَصِلْهَا مَعْ أَوَاخِرِ سُورَةٍ | فَلاَ تَقِفَنَّ -الدَّهْرَ- فِيهاَ فَتَثْقُلا |
أي عليها، "ولا تقفن" نهي نصب في جوابه فتثقلا بإضمار أن بعد الفاء، ومعنى فتثقل أي يستثقل ويتبرم بك؛ لأن البسملة لأوائل السور لا لأواخرها فإن ابتليت بوصلها بالآخر فتمم الوصل بأول السورة الأخرى فتتصل بهما كما تتصل سائر الآيات بما قبلها وما بعدها، ولك أن تقطعها من الآخر والأول وتلفظ بها وحدها، والأولى قطعها من الآخر ووصلها بالأول فهذه أربعة أوجه الأول مكروه والآخر مستحب، وما بينهما وجهان متوسطان وهما وصل البسملة بهما وقطعها عنهما، ويتعلق بالوصل والقطع أحكام ذكرناها في الكبير، قال صاحب التيسير: والقطع عليها إذا وصلت بأواخر السور غير جائز والله أعلم.
١ سورة طه، آية: ٧١.
سورة أم القرآن:
هي الفاتحة؛ سميت بذلك لأنها أول القرآن، وأم الشيء: أصله وأوله، ومن ذلك تسمية مكة بأم القرى، ومنه: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ ١. أي أصله، وهو اللوح المحفوظ؛ لأن كل كائن مكتوب فيه، وقوله في الآيات المحكمات: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ ٢. أي أصل الكتاب؛ لأن تحمل المتشابهات عليها وترد إليها. وقيل: سميت أم القرآن؛ لأن سور القرآن تتبعها كما يتبع الجيش أمه، وهي الراية. وقيل: فيه وجوه أخر، وتسمى بأسماء أخر، أشهرها سورة الحمد، وفاتحة الكتاب؛ لأن الكتاب العزيز بها يفتح كتابة وتلاوة، وهي مكية وقيل نزلت بالمدينة أيضا، وليس بعد بيان الاستعاذة والبسملة إلا ذكر ما اختلف فيه من الحروف في سورة الحمد. وكان الترتيب يقتضي أن يبدأ بأول موضع وقع فيه الخلاف منها، وهو إدغام الميم من قوله تعالى:
"الرَّحِيمِ، مَلِكِ"٣.