باصطلاحه فإن قيل: الصعقة لا كسر فيها فكيف يقول: مسكن الكسر؟ قلت: وكذلك لا بد فيها فكيف قال: اقصر إنما ذلك باعتبار القراءة الأخرى؛ أي: أسكن في موضع الكسر ولم يتعرض الشيخ لهذا في شرحه أولا، ثم في آخر عمره زاد في شرحه نكتا في مواضع هذا منها، فقال: قوله: مسكن العين أراد به عين الفعل كما قال: لا عين راجع، وهذا زيادة إغراب في البيت وغير مخلص من الإشكال، والصاعقة اسم النازلة، والصعقة مصدر صعقتهم، فقوله: فأخذتهم الصعقة كما قال: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾، قال أبو علي: قيل: إن الصعقة مثل الزجرة وهو الصوت الذي يكون عن الصاعقة، قوله: وقوم يريد وقوم نوح بالخفض عطف على: ﴿وَفِي مُوسَى﴾، وقوله: ﴿وَفِي مُوسَى﴾ عطف على: ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً﴾ ؛ أي: وفي موسى وفي عاد وفي ثمود وقوم نوح آيات، والنصب على: وأهلكنا قوم نوح أو واذكر قوم نوح، وانقضى النظم لما في الذاريات، ثم شرع في حروف والطور فقال:
١٠٤٧-

وَبَصْرٍ وَأَتْبَعا بِوَاتَّبَعَتْ وَمَا أَلَتْنَا اكْسِرُوا "دِ"نْيا وَإِنَّ افْتَحُوا "ا"لْجَلا
أي: قرأ أبو عمرو: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ﴾ موضع قراءة غيره: "واتبعتهم" وكلاهما واضح، وقد مضى ذكر الخلاف في "ذرياتهم" الذي بعد "اتبعناهم" والذي بعد: ﴿أَلْحَقْنَا بِهِمْ﴾ في سورة الأعراف، أما: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ﴾ فكسر اللام ابن كثير وحده وفتحها غيره وهما لغتان وفيها لغات أخر ذكرها الشيخ في شرحه والكل بمعنى النقصان، وقوله: دنيا من قولهم هو ابن عمي دنيا ودنيا وإذا كسرت الدال نونت وإذا ضممتها لم تنون؛ أي: قريبا يشير إلى أنه قريب من الحرف المذكور قبله وهو "واتبعناهم" وقال الشيخ؛ يعني: إن ألتنا بالكسر قريب من ألتنا بالفتح كابني العم ثم قال وأن افتحوا الجلا بفتح الجيم وقصر الممدود؛ أي: ذا الجلا؛ يعني: الجلى، ورضى في أول البيت الآتي متصل به معنى ورمزا فهو في موضع نصب على التمييز؛ أي: الجلى رضاه، ويجمعهم أن يكون خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو رضى وموضع الخلاف هو قوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ وهو مشكل فإن قبله موضعين لا خلاف في كسرهما وهما: ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ﴾ إنه ولا يليق الفتح لا بقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ﴾ على تقدير: لأنه أو ندعوه بأنه؛ أي: نصفه بهاتين الصفتين فالذي فتحه نافع والكسائي وكسره الباقون على الابتداء فلهذا قال: الجلا رضاه؛ أي: الواضح أمره بجواز ذلك فيه وكأنه قيده بذلك والله أعلم.
١٠٤٨-
رِضًا يَصْعَقُونَ اضُمُمْهُ "كَـ"ـمْ "نَـ"ـصَّ وَالْمُسَيْـ ـطِرُونَ "لِـ"ـسانٌ "عَـ"ـابَ بِالْخُلْفِ "زُ"مَّلا
أي: اضمم ياءه فيبقى فعلا لم يسم فاعله من أصعقهم فيكون مثل يكرمون، وقيل: يقال صعقهم فيكون مثل يضربون ومن فتح الياء فهو مضارع صعق اللازم لقوله تعالى: ﴿فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾، وكلتا الآيتين إشارة إلى صعقة تقع يوم القيامة شاهد ذلك ما في صحيح البخاري من قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "فإن الناس يوم القيامة يصعقون"، وقد بينا ذلك في مسألة مفردة مذكورة في الكراسة الجامعة، وقوله: كم نص؛ أي: كم قارئ نص عليه أو كم مرة وقع من قارئه وناقله، وقوله: لسان؛ أي: لغة والزمل الضعيف؛ أي: قرأه بالسين هشام وقنبل وحفص بخلاف عنه، ثم بين قراءة غيرهم فقال:


الصفحة التالية
Icon