وقراءة الناس ولا أعرف الضم، قال أبو علي: يشبه أن يكون مصدرا قال الفراء: كأن الذين قرءوا نُصُوحا أرادوا المصدر مثل قعودا والذين قالوا نصوحا جعلوه من صفة التوبة ومعناها أن يحدث نفسه إذا تاب من ذنب أن لا يعود إليه أبدا، وذكر الزمخشري في تفسيره وجوها حسنة في ذلك وقال: النصوح مصدر نصح كالنصح مثل الشكور والشكر؛ أي: ذات نصوح أو انتصح نصوحا. ثم شرع الناظم في سورة الملك فقال: من تفوت يريد: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ ؛ أي: تباين واختلاف فإذا حذفت الألف وشددت الواو صار تفوت وهو بمعناه تفاوت وتفوت مثل تظاهر وتظهر، والقراءتان مصدرا هذين الفعلين، وقوله: تفاوت مبتدأ وشق تهللا خبره، وقوله: على القصر والتشديد شق في موضع الحال؛ أي: مقصورا مشددا؛ أي: هذا اللفظ على ما فيه من القصر والتشديد شق تهلله وهو من قولهم شق ناب البعير إذا طلع والمعنى طلع تهلله؛ أي: لاح وظهر أو يكون من شق البرق إذا سطع من خلال السحاب ومعنى تهلل تلألأ وأضاء، ويجوز أن يكون تهللا حال؛ أي: ذا تهلل: والله أعلم.
١٠٧٦-
وَآمَنْتمُوا فِي الْهَمْزَتَيْنِ أُصُولُهُ | وَفي الوَصْلِ الُاولَى قُنْبُلٌ وَاوًا ابْدَلا |
فإن قلتَ: لهذا البيت فائدة غير الإذكار بما تقدم بيانه والمتقدمات كثيرة فلم خصص الناظم الإذكار بهذا دون غيره؟
قلت: له فائدتان غير الإذكار: إحداهما لما ذكر مذهب قنبل هذا في باب الهمزتين لم يبين أنه يفعل ذلك في الوصل بل أطلق فنص على الوصل هنا ليفهم أنه لا يفعل ذلك في الوقف على ما قبل: "أَأَمِنْتُمْ"؛ لزوال المقتضي لقلب الهمزة واوا وهو الضمة ولم يقنع بقوله: ثم موصلا فإن استعمال موصل بمعنى واصل غريب على ما نبهنا عليه هناك، والفائدة الأخرى النصوصية على الكلمة فإنه لما ذكر الحكم هناك كان كلامه في: "أَأَمِنْتُمْ" بزيادة ألف بعد الهمزتين وفتح الميم وهذه الكلمة لفظها غير ذلك فإن بعد الهمزتين فيها ميما مكسورة.
١٠٧٧-
فَسُحْقًا سُكُونًا ضُمَّ مَعْ غَيْبِ يَعْلَمُو | نَ مَنْ "رُ"ضْ مَعِي بِالْيَا وَأَهْلَكَنِي انْجَلا |