منه للقارئ فإن أكثر العجم لا يفرقون بين الحرفين فإن فرقوا ففرقا غير صواب وبينهما بون بعيد ثم ذكر مخرجيهما على ما سيأتي بيانه في باب مخارج الحروف، ثم قال: ولو استوى الحرفان لما ثبت في هذه الكلمة قراءتان اثنتان ولا اختلاف بين جبلين من جبال العلم والقراءة، ولما اختلف المعنى والاشتقاق والتركيب قلت: وقد صنفت مصنفات في الفرق بين الضاد والظاء مطلقا وحصرت كلمات الحرفين، ونظم جماعة من شيوخ القراءة ما في القرآن العظيم من الظاءات فيعلم بذلك أن ما عدا ما نظموه يكون بالضاد وقد ذكرت في ذلك فصلا بديعا في مختصر تاريخ دمشق في ترجمة عبد الرزاق بن علي في حرف العين وقوله: فعدلك بالتخفيف؛ أي: عدل بعضك ببعض فكنت معتدل الخلقة متناسبها فلا تفاوت فيها، قال عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه:
وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ
وبالتشديد معناه قومك وحسنك وجعلك معتدلا فهما متقاربان ومعنى البيت خف الكوفي في قراءة فعدلك بالتخفيف ثم قال وحقك: "يوم لا"؛ يعني: رفع: ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ﴾ ؛ لأنه بدل من يوم الذي قبله أو على تقدير هو يوم لا تملك والنصب على تقدير تدانون؛ أي: تجازون يوم كذا؛ لأن لفظ الدين بدل عليه أو بإضمار أعني أو على تقدير اذكر وقيل: بدل من: ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ الذي بعد: ﴿يَْلَوْنَهَا﴾ وقيل: ومبنى لإضافته إلى "لا" كما تقدم في مثل ما فيجوز على هذا أن تكون على ما تقدم من وجهي الرفع ووجوه النصب قال الشيخ وقوله: وحقك يوم لا أضاف يوم إلى لا؛ لأن اليوم مصاحب لها.
قلت لا حاجة إلى هذا الاعتذار فإنه حكاية لفظ القرآن وقيدها بذلك؛ احترازا من ثلاثة قبلها مضافة إلى الدين
١١٠٥-

وَفِي فَاكهِينَ اقْصُرْ "عُـ"ـلًا وَخِتامُهُ بِفَتْحٍ وَقَدِّمْ مَدَّهُ "رَ"اشِدًا وَلا
فاكهين وفكهين واحد المد والقصر كما سبق في لابثين ولبثين وفارهين وفرهين؛ أي: انقلبوا معجبين متنعمين متلذذين فرحين.
وأما: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ فقرأه الكسائي بفتح الخاء وقدم الألف على التاء فصار خاتمه كما قرأ عاصم ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ قال الفراء: الخاتمة والختام متقاربان في المعنى إلا أن الخاتم الاسم والختام المصدر قال أبو علي: خاتمه آخره وختامه عاقبته والمراد لذاذة المقطع وذكاء الرائحة وأرجها مع طيب الطعم وعن سعيد بن جبير ختامه آخر طعمه، وقوله: ولا بفتح الواو؛ أي: ذا ولاء؛ أي: نصر لهذه القراءة؛ لأن أبا عبيد كرهها، وقال: حجة الكسائي فيها حديث كان يرويه عن علي ولو ثبت عن علي لكان فيها حجة، ولكنه عندنا لا يصح عنه قلت: قد أسند الفراء في كتاب المعاني عن علي وعلقمة فقال: حدثني محمد بن الفضل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه قرأ: "خاتمه مسك"، قال: وحدثنا أبو الأحوص عن أشهب بن أبي الشعثاء المحاربي قال: قرأ علقمة بن قيس: "خاتمه مسك"، وقال: أما رأيت المرأة تقول للعطار اجعل لي خاتمه مسكا تريد آخره وتفسيره أن الشارب يجد آخر كأسه ريح المسك والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon