يكبروا في قراءة البزي عن ابن كثير خاصة، وبذلك قرأت قال: وحجته في التكبير أنها رواية نقلها عن شيوخه من أهل مكة في الختم يجعلون ذلك زيادة في تعظيم الله -عز وجل- مع التلاوة لكتابه والتبرك بختم وحيه وتنزيله والتنزيه له من السوء لقوله: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾، ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾، ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ قال: وحجته في الابتداء في آخر ختمه بخمس آيات من البقرة أنه اعتمد في ذلك على حديث صحيح مروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل: أي: الأعمال أفضل فقال: "الحال المرتحل"؛ يعني: الذي ارتحل من ختمة أتمها ويحل في ختمة أخرى؛ أي: يفرغ من ختمة ويبتدئ بأخرى وعلى ذلك أدرك أهل بلدة مكة قلت: قد سبق الكلام على هذا الخبر وبيان ضعفه فلا يغتر بقول مكي إنه صحيح وأحسن من عبارته عبارة أبي الحسن ابن غلبون قال: فإذا قرأ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ كبر، ثم قرأ فاتحة الكتاب وخمسا من سورة البقرة؛ لأنه يقال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى من فعل ذلك الحال المرتحل كما حدثني أبي -رحمه الله- وساق الحديث عن صالح المري عن قتادة عن زرارة عن ابن عباس أن رجلا قام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله؛ أي: الأعمال أحب إلى الله فقال": "الحال المرتحل، فقال: يا رسول الله وما الحال المرتحل قال: فتح القرآن وختمه صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره ومن آخره إلى أوله كلما حل ارتحل"، قال: فقيل: إنه -صلى الله عليه وسلم- يعني: بذلك أنه يختم القرآن، ثم يقرأ فاتحة الكتاب وشيئا من البقرة في وقت واحد قلت: أصل الحديث ضعيف كما سبق ثم زاد بعضهم فيه: التفسير غير منسوب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فحملناه على أن بعض رواته المذكورين في سنده فسره على ما وقع له في معناه، وهذا الحديث قد بين فيه أن المفسر له هو النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي زيادة غير معروفة فقد روى الأهوازي هذا التفسير بعينه ولم يقل في الحديث: يا رسول الله، ثم ولو صح هذا الحديث والتفسير لكان معناه الحث على الإكثار من قراءة القرآن والمواظبة عليها، فكلما فرغ من ختمة شرع في أخرى؛ أي: إنه لا يضرب عن القراءة بعد ختمة يفرغ منها بل تكون قراءة القرآن دأبه وديدنه، وفي رواية أخرى أخرجها الأهوازي في كتاب الإيضاح: الحال المرتحل الذي إذا ختم القرآن رجع فيه ثم هذا الفعل من التكبير وقراءة الحمد إلى المفلحون مروي عن ابن كثير نفسه مأخوذ به عن طريق البزي وقنبل على ما سنوضحه، قال أبو الطيب بن غلبون ولم يفعل هذا قنبل ولا غيره من القراء أعني التكبير وهذه الزيادة من أول سورة البقرة في قراءة الختمة سوى البزي وحده قال أبو الفتح فارس بن أحمد: ولا نقول إن هذا سنة ولا أنه لا بد لمن ختم أن يفعله فمن فعله فحسن جميل ومن ترك فلا حرج، قال صاحب التيسير: وهذا يسمى الحال المرتحل، وفي جميع ما قدمناه أحاديث مشهورة يرويها العلماء يؤيد بعضها بعضا تدل على صحة ما فعله ابن كثير قلت: لم يثبت شيء من ذلك وأكثر ما في الأمر أن ابن كثير كان يفعله والحديث المسند في ذلك هو في بيان سند قراءة ابن كثير؛ أي: أخذ ابن كثير عن درباس عن ابن عباس عن أبي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبي فالسند المذكور إنما هو لبيان ذلك، ثم قرأ في آخر الحديث وأنه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ البقرة إلى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ثم دعا بدعاء الختم ثم قال: يعني بذلك ابن كثير والله أعلم، وقد قال أبو طالب صاحب أحمد بن حنبل: سألت أحمد إذا قرأ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ يقرأ من البقرة شيئا قال: لا يقرأ فلم يستحب أن يصل ختمه بقراءة شيء ولعله لم يثبت فيه عنده أثر صحيح يصير إليه ذكره شيخنا أبو محمد بن قدامة في كتابه المغنى، وذكر أبو الحسن بن غلبون وغيره رواية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون إذا ختموا القرآن أن يقرءوا من أوله آيات، قلت: ولكل من المذهبين وجه ظاهر.