أي: بأدنى حافة اللسان إلى منتها طرف اللسان بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى ومنهم من يزيد على هذا فيقول فويق الضاحك والناب والرباعية والثنية وهو حرف اللام، قال الشيخ أبو عمرو: وكان يغني أن يقال: فويق الثنايا إلا أن سيبويه ذكر ذلك فمن أجل ذلك عددوا وإلا فليس في الحقيقة فوق؛ لأن مخرج النون يلي مخرجها وهي فوق الثنايا فكذلك هذا على أن الناطق باللام يبسط جوانب طرفي لسانه مما فوق الضاحك إلى الضاحك الآخر وإن كان المخرج في الحقيقة ليس إلا فوق الثنايا وإنما ذاك يأتي لما فيها من شبه الشدة ودخول المخرج في ظهر اللسان، فيبسط الجانبان لذلك فلذلك عدد الضاحك والناب والرباعية والثنية، وقوله: ودونه بقصر الهاء؛ أي: دون هذا الحرف وهو حرف اللام حرف ذو ولاء؛ أي: متابعة له؛ يعني: النون مخرجها مما بين طرف اللسان وفويق الثنايا وهي تخرج قليلا من مخرج اللام، وقال مكي: ومن أدنى طرفه وما يليه في الحنك الأعلى تخرج النون والتنوين ومن ذلك الأدنى داخلا إلى ظهر اللسان قليلا تخرج الراء، ثم ذكر مخرج الراء فقال:
١١٤٣-

وَحَرْفٌ يُدَانِيهِ إِلَى الظَّهْرِ مَدْخَلٌ وَكَمْ حَاذِقٍ مَعْ سِيبَويْهِ بِهِ اجْتَلا
يعني: يداني النون وهو الراء يخرج من مخرجها، لكنه أدخل في ظهر اللسان قليلا من مخرج النون؛ لانحرافه إلى اللام، فهذا معنى قوله: إلى الظهر مدخل؛ أي: وحرف مدخل إلى الظهر يدانيه، وأورد الشيخ أبو عمرو أن هذه العبارة تقتضي أن يكون مخرج الراء قبل النون؛ لأن الراء أدخل منها إلى ظهر اللسان، وأجاب بأن المخرج بعد مخرج النون وإنما يشاركه ذلك لا على أنه يستقل به ألا ترى أنك إذا نطقت بالنون والراء ساكنتين وجدت طرف اللسان عند النطق بالراء فيما هو بعد مخرج النون هذا هو الذي يجده المستقيم الطبع قال وقد يمكن إخراج الراء مما هو داخل من مخرج النون أو من مخرجها ولكن يتكلف لا على حسب إجراء ذلك على الطبع المستقيم والكلام في المخارج إنما هو على حسب اشتقاق الطبع لا على التكلف، والهاء في به يعود على الظهر؛ أي: إن سيبويه وجماعة من الحذاق يجعلون الراء من ظهر اللسان وأنهم ثم اجتلوه؛ أي: كشفوه، هكذا قال الشيخ، ويحتمل أن تكون الهاء عائدة على المذكور؛ أي: وكم من حاذق في صناعة العربية؛ أي: ماهر بها اجتلا هذا الحرف بهذا المخرج المذكور وهو نص ما في كتاب سيبويه الذي هو إمام نحاة البصريين قال -رحمه الله: ومن مخرج النون غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلا؛ لانحرافه إلى اللام مخرج الراء زاد غيره وقال: غير أن في الراء تكريرا وكذا ما ذكرناه في اللام والنون هو قول سيبويه ثم قال:
١١٤٤-
وَمِنْ طَرَفٍ هُنَّ الثَّلاثُ لِقُطْرُبٍ وَيَحْيى مَعَ الْجَرْمِيِّ مَعْناهُ قُوِّلا
قال أبو عمرو الداني: وقال الفراء: وقطرب والجرمي وابن كيسان مخارج الحروف أربعة عشر مخرجا فجعلوا اللام والراء والنون من مخرج واحد وهو طرف اللسان قلت: أما قطرب فهو أبو علي محمد بن المستنير البصري أحد العلماء بالنحو واللغة أخذ عن سيبويه وغيره، ويقال: إن سيبويه لقبه قطربا لمباكرته إياه في الأسحار قال له يوما: ما أنت إلا قطرب ليل والقطرب دويبة تدب ولا تفتر، ومنه حديث ابن مسعود: لا أعرفن أحدكم جيفة ليل قطرب نهار، قال أبو عبيد: يقال إن القطرب دويبة لا تستريح نهارها سعيا، وحكى ثعلب أن القطرب الخفيف وكان


الصفحة التالية
Icon