أو موضعا لعقل الإنصاف والحلم وقد حمل الشيخ وغيره هذا البيت على أن الناظم عنى بالفتى نفسه ومدحها بذلك فاستبعدت ذلك من جهة أنه غير ملائم لتواضعه بقوله: وليس إلا ذنوب وليها ولا هو مناسب لطلب الترحم عليه فإن اللائق أن يقال: اللهم ارحم عبدك الفقير إليك وهو ذلك فيما إذا أريد به شخص معين ولا نزكي ذلك الشخص أما إذا كان الدعاء لعموم من اتصف بتلك الصفة فإنه سائغ نحو اللهم ارحم أهل الحلم والكرم والعلم فاستنبطت له وجهين آخرين أحدهما أنه أمر بالترحم على من كانت هذه صفته؛ لأنه ندب إلى الإنصاف بنحو ذلك من قبل حين قال أخائقة يعفو ويغضي تجملا وبقوله:
فيا طيب الأنفاس أحسن تأولا
فكأنه قال: وقل رحم الله من كان بهذه الصفة ثم قال: عسى الله يدني سعيه؛ أي: سعى وليها المذكور في قوله: وليس لها إلا ذنوب وليها فيكون الابتداء ترج منه أو يكون داخلا في المقول؛ أي: قل هذا وهذا؛ أي: ادع لمن اتصف بتلك الصفة وادع لناظم القصيدة، ووليها الوجه الثاني أن يكون المأمور به في قوله: وقل البيت الآخر وهو عسى الله يدني سعيه؛ أي: قل ذلك وترجه من الله تعالى ويكون قوله: رحم الرحمن حيا وميتا دعاء من المصنف لمن اتصف بهذه الصفات وهو كلام معترض بن فعل الأمر والمأمور به وكلاهما وجه حسن.
١١٦٧-
عَسَى اللهُ يُدْنِي سَعْيَهُ بِجِوَارِهِ | وَإِنْ كَانَ زَيْفًا غَيْرَ خَافٍ مُزَلَّلا |
١١٦٨-
فَيا خَيْرَ غَفَّارٍ وَيَا خَيْرَ رَاحِمٍ | وَيا خَيْرَ مَأْمُولٍ جَدًا وَتَفَضُّلا |
١١٦٩-
أَقِلْ عَثْرَتِي وَانْفَعْ بِها وَبِقَصْدِها | حَنَانَيْكَ يَا اللهُ يَا رَافِعَ الْعُلا |