الدرة الأولى: فيما يتعلق بطالب العلم في نفسه ومع شيخه
ينبغي لطالب العلم أن يلزم مع شيخه الوقار، والتأدب، والتعظيم، فقد قالوا: "بقدر إجلال الطالب العالم ينتفع الطالب بما يستفيد من علمه".
وإن ناظره في علم فبالسكينة والوقار.
وينبغي أن يعتقد أهليته ورجحانه، فهو أقرب إلى انتفاعه به، ورسوخ ما يسمعه منه في ذهنه.
وقد قالت السادة الصوفية: "من لم ير خطأ شيخه خيرًا من صواب نفسه: لم ينتفع".
فيما يتعلق بطالب العلم.
وقد كان بعضهم إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمى عني، ولا تذهب بركة علمه مني".
وقال الشافعي رحمه الله تعالى:
"أول سطر كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك تصفحا رقيقا؛ هيبة له؛ لئلا يسمع رقعها".
وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والإمام الشافعي ينظر إلي؛ هيبة له.
وعن الإمام علي بن طالب رضي الله عنه قال:
من حق المتعلم أن يسلم على المعلم خاصة، ويخصه بالتحية. وأن يجلس أمامه، ولا يشير عنده بيده، ولا يغمزن بعينه غيره، ولا يقولن له: قال فلان خلاف قولك، ولا يغتاب عنده أحدا، ولا يساور في مجلسه، ولا يأخذ بثوب، ولا يلح عليه إذا كسل، ولا يشبع من طول صحبته.
وقال بعضهم: كنت عند شريك رحمه الله تعالى، فأتاه بعض أولاد المهدي، فاستند إلى الحائط وسأله عن حديث، فلم يلتفت إليه، فأقبل إليها، ثم عاد فعاد مثل ذلك:
فقال: أتستخف بأولاد الخلفاء؟.
قال: لا، ولكن العلم أجل عند الله أن أصونه.
فجثى على ركبتيه.
فقال شريك: هكذا يطلب العلم.
وقالوا: من آداب المتعلم أن يتحرى رضى المعلم، وإن خالف رضى نفسه، ولا يفشي له سرا، وأن يرد


الصفحة التالية
Icon