الدرة الخامسة: في قدر ما يسمع وما ينتهي إليه سماعه
الأصل: أن هذا طاقة، فالطلبة فيه بحسب وسعهم.
وأما ما روي عن السلف أنهم كانوا يقرؤن ثلاثا ثلاثا، وخمسا خمسا، وعشرا عشرا. لا يزيدون على ذلك، فهذه حالة المتلقِّين.
وبلغت قراءة ابن مسعود على النبي ﷺ من أول النساء إلى قوله تعالى: ﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾.
وسمع نافع لورش القرآن كله في خمسين يوما.
وقرأ الشيخ نجم الدين مؤلف "الكنز" القرآن جميعا كله على الشيخ تقي الدين بن الصايغ. لما رحل إليه لمصر في سبعة عشر يوما.
وقرأ شيخنا شمس الدين الجزري على الشيخ شمس الدين بن الصايغ من أول النحل وأول الجمعة وختم ليلة الخميس في ذلك الأسبوع للقراء السبع بالشاطبية، والتيسير، والعنوان.
قال: وآخر مجلس ابتدأت فيه من أول الواقعة، ولم أزل حتى ختمت.
قال: وقدم على رجل من حلب، فختم لابن كثير في خمسة أيام، وللكسائي في سبعة أيام.
وقرأ الشيخ شهاب الدين بن الصحان على الشيخ ابن العباس بن نحلة ختمة لأبي عمرو من وراء بيته في يوم واحد.
ولما ختم قال للشيخ: هل رأيت أحدًا يقرأ هذه القراءة؟. فقال: لا تقل هكذا، ولكن قل: أرأيت شيخا يسمع هذا السماع؟
وأعظم ما سمعت في هذا الباب: أن الشيخ مسكين الدين الأسمر دخل يوما إلى الجامع بالإسكندرية، فوجد شيخا ينظر إلى أبواب الجامع. فوقع في نفس المسكين أنه رجل صالح. وأنه يعزم على الرواح إلى جهته ليسلم عليه، ففعل ذلك. وإذا به ابن وثيق. ولم يكن لأحدهما معرفة بالآخر ولا رؤية، فلما سلم عليه، قال للمسكين: أنت عبد الله بن منصور؟ قال: نعم قال: ما جئت من الغرب إلا بسببك؛ لأقرأك القراءات. فقرأ عليه المسكين في تلك الليلة القرآن من أوله جمعا للسبع.
وعند طلوع الشمس: إذا به بقول -من الجنة والناس- فختم عليه القرآن للسبع في ليلة واحدة.


الصفحة التالية
Icon