لكان شرحا للإدغام الكبير الواقع في المثلين ويأتي قوله: ففي كلمة عنه بعد تمهيد قاعدته وقولنا: تحركا والتقى من باب قاما وقعد الزيدان وهو الوجه المختار للبصريين في باب توجه الفعلين إلى فاعل واحد، فاعلم أن الإدغام الكبير ضربان؛ أحدهما: إدغام حرف في مثله وهو الذي ذكره في جميع هذا الباب، والآخر: إدغام حرف في مقاربه وسيأتي في الباب الآخر، وشرطهما معا أن يكونا متحركين فإن سكن أول المثلين وجب له إدغام لكل بشرط أن لا يكون حرف مد ولين، ثم الحرف الذي يدغم في مثله لا يخلو هو والذي يدغم فيه إما أن يلتقيا في كلمة أو في كلمتين، فإن التقيا في كلمة لم يدغم إلا في هاتين الكلمتين المذكورتين في هذا البيت، ثم قال: وباقي الباب ليس معولا أي على إدغامه أو لا معول عليه بإدغام أو التقدير: وإدغام باقي الباب ليس معولا عليه، فحذف المضاف كما أن التقدير: ففي كلمة عنه إدغام مناسككم وباقي الباب مثل قوله تعالى: "بأعيننا" و"أتعدانني" و"جباههم" و"وجوههم" و"بشرككم" وقد روي إدغام ذلك، وهو في بأعيننا أقوى لتحرك ما قبل المثلين، وفي بشرككم ضعيف لسكونه وهو حرف صحيح، وقد أدغم أبو عمرو وغيره مواضع تأتي في سورها مثل: ﴿مَا مَكَّنِّي﴾، و ﴿تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾، و ﴿أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ﴾ ورو إدغام: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾ ١.
في آخر الأعراف وهو ضعيف؛ لأن الحرف المدغم مشدد، وسيأتي؛ لأنه لا يدغم مثل ذلك نحو:
﴿مَسَّ سَقَرَ﴾ ٢ والله أعلم.
١١٨-
وَمَا كَانَ مِنْ مِثْلَيْنِ في كِلْمَتَيْهِمَا | فَلاَ بُدَّ مِنْ إدْغَامِ مَا كانَ أَوَّلاَ |
﴿إِذْ ذَهَبَ﴾ ٣، ﴿وَقَدْ دَخَلُوا﴾ ٤ ومثال الثاني: ﴿إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا﴾ ٥، ﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ﴾ ٦.
ثم هذا الإدغام في المثلين من كلمتين يأتي في القرآن في سبعة عشر حرفا؛ لأن عشرة من باقي الحروف لم يلتق منها مثلان متحركان في القرآن، وهي: الجيم والخاء المعجمة والدال والذال والزاي والشين المعجمة والصاد والضاد والطاء الظاء، وأما الألف فلا يتأتى إدغامها؛ لأنها لا تزال ساكنة، وأما الهمزتان إذا التقتا فأبو عمرو يسقط الأولى إن اتفقتا ويسهل الثانية إن اختلفتا على ما سيأتي بيانه فلا إدغام فيها.
وأما الحروف التي تدغم في مقاربها فستة عشر حرفا ستأتي في الباب الآتي وأما نحو قوله: ﴿أَنَا نَذِيرٌ﴾ ٧.
٢ سورة القمر، آية: ٤٨.
٣ سورة الأنبياء، آية: ٨٧.
٤ سورة المائدة، آية: ٥٧.
٥ سورة المائدة، آية: ٥٨.
٦ سورة العنكبوت، آية: ٤١.
٧ سورة الملك، آية: ٢٦.