ولما توفي العلامة شبلي النعماني سنة ١٣٣٢هـ واجتمع تلامذته لتنفيذ فكرة أستاذهم لإنشاء مؤسسة دار المصنفين، اختاروا العلامة الفراهي رحمه الله رئيساً لها والعلامة سليمان الندوي مديراً.
(٣) صفاته وأخلاقه:
كان الفراهي رحمه الله معروفاً بفرط الذكاء وثقوب النظر وسرعة الإدراك. وكان ورعه وزهده في الدنيا، وقصده في العيش، وعزوفه عن السمعة، وحسن تعبده، مع جود وغنى نفس وتواضع، موضع إجماع من معاصريه.
كان يقول شيخه شبلي النعماني رحمه الله: "من جلس إلى عبدالحميد انصرف قلبه عن الدنيا " (١). ويقول السيد سليمان الندوي رحمه الله: "كان رحمه الله آية من آيات الله في حدة الذهن وكثرة الفضل وسعة العلم ودماثة الخلق وسداد الرأي والزهد في الدنيا والرغبة في مرضاة الله" (٢). ويقول الأستاذ عبد الماجد الدريابادي: "لم تر عيني مثله في الصبر والشكر والقناعة والتوكل وغنى النفس". وقال في موضع آخر: "كانت شخصية الفراهي قوية جذابة، قلما رأينا مؤمناً قانتاً مثله، قيل في وصف أولياء الله إن الجلوس معهم يذكّر الإنسان بالله سبحانه، وكان يصدق هذا الوصف على الفراهي صدقاً تاماً. أما الصلاة فكأن قلبه معلق بأوقاتها. أقام في حيدر آباد سنوات عميداً لدار العلوم، يتقاضى مرتباً عالياً، وكانت صلته بطبيعة الحال بعلية القوم، لكن لم يتغير شيء مما كان عليه من القناعة والاقتصاد في المطعم والملبس والديانة والصدق والإخلاص. أما مجالسه فلا مجال فيها للغيبة ولغو القول والهزل. وبالجملة فلم يكن له نظير لا في العلم والفضل ولا في الديانة والتقوى" (٣).
وكان يصرف جزءاً من راتبه في شراء الكتب وتجليدها، والجزء الأكبر منه ينفقه على الفقراء واليتامى والأرامل (٤).
(٢) انظر ترجمة الفراهي في أول من كتاب إمعان في أقسام القرآن للفراهي: ١٥.
(٣) مقال الدريابادي في صحيفته (صدق) عدد ١٩/٦/١٩٤٥م.
(٤) حيات حميد: ٣٥٠.