ثم تتابعت الكتب في القرون التالية وبلغت كثرة لا يأتي عليها الحصر فقال السيوطي في الإتقان: "أفرده بالتصنيف خلائق لايحصون"، وسنقف هنا وقفة قصيرة عند بعض الكتب المشهورة في هذا الفن:
ومنها كتاب تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ). وقد جعله مقصوراً على الغريب، غير خالط إياه بمسائل العربية التي ضمّن بعضها كتابه السابق (تأويل مشكل القرآن).
ورتّبه على ثلاثة أقسام: الأول في ذكر أسماء الله الحسنى وصفاته وفسر فيه ستة وعشرون حرفاً، والثاني في ألفاظ كثر تردادها في القرآن فلم ير بعض السور أولى بها من بعض وفسر فيه أربعين حرفاً. والثالث سائر الكتاب الذي رتبه على ترتيب السور في المصحف.
وقد ذكر ابن قتيبة أن كتابه "هذا مستنبط من كتب المفسرين، وكتب أصحاب اللغة العالمين "، واختار في كل حرف "أولى الأقاويل في اللغة وأشبهها بقصة الآية" نابذاً منكر التأويل ومنحول التفسير.
وكان غرضه في الكتاب الاختصار والإكمال فلم يحش كتابه بالنحو وبالحديث والأسانيد حتى لا يطول الكتاب فيقطع منه طمع المتحفظ وبغية المتأدب (١).
ومن كتب الغريب التي عدها الزركشي "من أشهرها" كتاب نزهة القلوب لابن عزيز السجستاني (ت ٣٣٠ هـ) وكتاب الغريبين لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي (ت ٤٠١ هـ) (٢). أما كتاب ابن عزيز فيقال إنه صنفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه أبي بكر بن الأنباري، فكان يصلح له فيه مواضع (٣).
(٢) البرهان في علوم القرآن ١ / ٢٩١.
(٣) نزهة الألباء: ٢٣٢.
الإتقان ٢ / ٣.