(أو من كان ميتا فأحييناه)، وقول الشاعر: وقد ناديت لو أسمعت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادى والرابعة: عبارة عن ارتفاع الغم وبهذا النظر قال الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الاحياء وعلى هذا قوله عزوجل: (ولا تحسبن الذين قلتوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم) أي هم متلذذون لما روى
في الاخبار الكثيرة في أرواح الشهداء.
والخامسة: الحياة الاخروية الابدية وذلك يتوصل إليه بالحياة التى هي العقل والعلم قال الله تعالى: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، وقوله: (يا ليتني قدمت لحياتي) يعنى بها الحياة الاخروية الدائمة.
والسادسة: الحياة التى يوصف بها الباري فإنه إذا قيل فيه تعالى " هو حى " فمعناه لا يصح عليه الموت وليس ذلك إلا لله عزوجل.
والحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة، قال عزوجل (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا) وقال عز وجل: (اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة) وقال تعالى: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) أي الاعراض الدنيوية وقال: (ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) وقوله تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) أي حياة الدنيا، وقوله عزوجل: (وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى) كان يطلب أن يريه الحياة الاخروية المعراة عن شوائب الآفات الدنيوية.
وقوله عزوجل: (ولكم في القصاص حياة)
أي يرتدع بالقصاص من يريد الاقدام على القتل فيكون في ذلك حياة الناس.
وقال عز وجل: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) أي من نجاها من الهلاك وعلى هذا قوله مخبرا عن إبراهيم: (ربى الذى يحيى ويميت - قال أنا أحيى وأميت) أي أعفو فيكون إحياء.
والحيوان مقر الحياة ويقال على ضربين، أحدهما: ماله الحاسة، والثانى: ماله البقاء الابدي وهو المذكور في قوله عزوجل: (وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون) وقد نبه بقوله: (لهى الحيوان) أن الحيوان الحقيقي السرمدي الذى لا يفنى لا ما يبقى مدة ثم يفنى، وقال بعض أهل اللغة: الحيوان والحياة واحد، وقيل الحيوان ما فيه الحياة والموتان ما ليس فيه الحياة.
والحيا المطر لانه يحيى الارض بعد موتها، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شئ حى) وقوله تعالى: (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) فقد نبه أنه سماه بذلك من حيث إنه لم تمته الذنوب كما أماتت