كان ذلك بقولهم افعل وليفعل أو كان ذلك بلفظ خبر نحو: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) أو كان بإشارة أو غير ذلك: ألا ترى أنه قد سمى ما رأى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال: (إنى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) فسمى ما رآه في المنام من تعاطى الذبح أمرا.
وقوله: (وما أمر فرعون برشيد) فعام في أقواله وأفعاله، وقوله: (أتى أمر الله) إشارة إلى القيامة فذكره بأعم الالفاظ.
وقوله (بل سولت لكم أنفسكم أمرا) أي ما تأمر النفس الامارة بالسوء.
وقيل أمر القوم كثروا وذلك لان القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لابد لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر: * لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * وقوله تعالى: (أمرنا مترفيها) أي أمرناهم بالطاعة، وقيل معناه كثرناهم، وقال أبو عمرو: لا يقال أمرت بالتخفيف في معنى كثرت، وإنما يقال أمرت وآمرت.
وقال أبو عبيدة: قد
يقال أمرت بالتخفيف نحو: خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة، وفعله أمرت.
وقرئ أمرنا: أي جعلناهم أمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) وقرئ أمرنا بمعنى أكثرنا والائتمار قبول الامر ويقال للتشاور ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به، قال تعالى: (إن الملا يأتمرون بك) قال الشاعر: * وأمرت نفسي أي أمر أفعل * وقوله تعالى: (لقد جئت شيئا إمرا) أي منكرا من قولهم أمر الامر، أي كبرو كثر كقولهم استفحل الامر، وقوله: (وأولى الامر) قيل عنى الامراء في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل الائمة من أهل البيت، وقيل الآمرون بالمعروف.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما: هم الفقهاء وأهل الدين المطيعون لله، وكل هذه الاقوال صحيحة.
ووجه ذلك أن أولى الامر الذين بهم يرتدع الناس أربعة: الانبياء وحكمهم على ظاهر العامة والخاصة وعلى بواطنهم، والولاة وحكمهم على ظاهر الكافة دون باطنهم، والحكماء وحكمهم على باطن الخاصة دون الظاهر، والوعظة وحكمهم على بواطن العامة دون ظواهرهم.
أمن: أصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف والامن والامانة والامان في الاصل مصادر ويجعل الامان تارة اسما للحالة التى يكون عليها الانسان في الامن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الانسان نحو قوله: (وتخونوا أماناتكم) أي ما ائتمنتم عليه، (وقوله: إنا عرضنا الامانة على السموات والارض) قيل هي كلمة التوحيد وقيل العدالة، وقيل حروف التهجى، وقيل العقل وهو صحيح فإن العقل هو الذى لحصوله يتحصل معرفة التوحيد وتجرى العدالة وتعلم حروف التهجى بل لحصوله تعلم كل ما في طوق