الشرع أن التكليف من دون تلك الاخر لا يصح، وقوله (لو استطعنا لخرجنا معكم) فإشارة بالاستطاعة ههنا إلى عدم الالة من المال والظهر والنحو وكذلك قوله: (ومن لم يستطع منكم طولا) وقوله (لا يستطيعون حيلة) وقد يقال فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة وذلك يرجع إلى افتقاد الالة أو عدم التصور، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الانسان به معذورا، وعلى هذا الوجه قال: (لن تستطيع معى صبرا - ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) وقال (وكانوا لا يستطيعون سمعا) وقد حمل على ذلك قوله (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) وقوله تعالى (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا) فقيل إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله وقيل إنهم لم يقصدوا قصد القدرة وإنما
قصدوا أنه هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك ؟ وقيل يستطيع ويطيع بمعنى واحد ومعناه هل يجيب ؟ كقوله (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) أي يجاب، وقرئ (هل تستطيع ربك) أي سؤال ربك كقولك هل تستطيع الامير أن يفعل كذا، وقوله: (فطوعت له نفسه) نحو أسمحت له قرينته وانقادت له وسولت وطوعت أبلغ من أطاعت، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم تأبت عن كذا نفسه، وتطوع كذا تحمله طوعا، قال (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم - الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين) وقيل طاعت وتطوعت بمعنى ويقال استطاع واسطاع بمعنى قال: (فما اسطاعوا أن يظهروه، وما استطاعوا له نقبا).
طوف: الطوف المشى حول الشئ ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا، يقال طاف به يطوف، قال (يطوف عليهم ولدان) قال (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها قال (إذا مسهم طائف من الشيطان) وهو الذى يدور على الانسان من الشيطان يريد اقتناصه،
وقد قرئ طيف وهو خيال الشئ وصورته المترائى له في المنام أو اليقظة، ومنه قيل للخيال طيف، قال (فطاف عليها طائف) تعريضا بما نالهم من النائبة، وقوله (أن طهرا بيتى للطائفين) أي لقصاده الذين يطوفون به، والطوافون في قوله (طوافون عليكم بعضكم على بعض) عبارة عن الخدم، وعلى هذا الوجه قال عليه السلام في الهرة " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " والطائفة من الناس جماعة منهم، ومن الشئ القطعة منه وقوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) قال بعضهم قد يقع ذلك على واحد فصاعدا، وعلى ذلك قوله (وإن طائفتان من المؤمنين - إذ همت طائفتان