الاول: ظلم بين الانسان وبين الله تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال: (إن الشرك لظلم عظيم) وإياه قصد بقوله: (ألا لعنة الله على الظالمين - والظالمين أعد لهم عذابا أليما) في آى كثيرة وقال: (فمن أظلم ممن كذب على الله - ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا).
والثانى: ظلم بينه وبين الناس وإياه قصد بقوله: (وجزاء سيئة سيئة) إلى قوله: (إنه لا يحب الظالمين) وبقوله: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) وبقوله: (ومن قتل مظلوما).
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه وإياه قصد بقوله: (فمنهم ظالم لنفسه) وقوله: (ظلمت نفسي - إذ ظلموا أنفسهم - فتكونا من الظالمين) أي من الظالمين أنفسهم: (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) وكل
هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس فإن الانسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدا مبتدئ في الظلم ولهذا قال تعالى في غير موضع: (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون - وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) وقوله: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) فقد قيل هو الشرك بدلالة أنه لما نزلت هذه الاية شق ذلك على أصحاب النبي عليه السلام وقال لهم ألم تروا إلى قوله: (إن الشرك لظلم عظيم) وقوله: (ولم تظلم منه شيئا) أي لم تنقص وقوله: (ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا) فإنه يتناول الانواع الثلاثة من الظلم، فما أحد كان منه ظلم ما في الدنيا إلا ولو حصل له ما في الارض ومثله معه لكان يفتدى به، وقوله: (هم أظلم وأطغى) تنبيها أن الظلم لا يغنى ولا يجدى ولا يخلص بل يردى بدلالة قوم نوح.
وقوله (وما الله يريد ظلما للعباد) وفى موضع.
(وما أنا بظلام للعبيد) وتخصيص أحدهما بالارادة مع لفظ العباد والاخر بلفظ الظلام للعبيد يختص بما بعد هذا الكتاب.
والظليم ذكر النعام، وقيل إنما سمى بذلك
لاعتقادهم أنه مظلوم للمعنى الذى أشار إليه الشاعر: فصرت كالهيق عدا يبتغى * قرنا فلم يرجع بأذنين والظلم ماء الاسنان، قال الخليل: لقيته أدنى ظلم أو ذى ظلمة، أي أول شئ سد بصرك، قال: ولا يشتق منه فعل، ولقيته أدنى ظلم كذلك.
ظمأ: الظمء ما بين الشربتين، والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك، يقال ظمئ يظمأ فهو ظمآن، قال (لا تظمأ فيها ولا تضحى) وقال: (يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا).