الاسماء هو أن جعل له قوة بها نطق ووضع أسماء الاشياء وذلك بإلقائه في روعه، وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلا يتعاطاه وصوتا يتحراه، قال: (وعلمناه من لدنا علما) قال له موسى (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) قيل عنى به العلم الخاص الخفى على البشر الذى يرونه ما لم يعرفهم الله منكرا بدلالة ما رأه موسى منه لما تبعه فأنكره حتى
عرفه سببه، قيل وعلى هذا العلم في قوله: (قال الذى عنده علم من الكتاب) وقوله تعالى: (والذين أوتوا العلم درجات) فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.
وأما قوله: (وفوق كل ذى علم عليم) فعليم يصح أن يكون إشارة إلى الانسان الذى فوق آخر ويكون تخصيص لفظ العليم الذى هو للمبالغة تنبيها أنه بالاضافة إلى الاول عليم وإن لم يكن بالاضافة إلى من فوقه كذلك، ويجوز أن يكون قوله عليم عبارة عن الله تعالى وإن جاء لفظه منكرا إذ كان الموصوف في الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى، فيكون قوله: (وفوق كل ذى علم عليم) إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده، وعلى الاول يكون إشارة إلى كل واحد بانفراده.
وقوله (علام الغيوب) فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية.
وقوله (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) فيه إشارة أن لله تعالى علما يخص به أولياءه، والعالم في وصف الله هو الذى لا يخفي عليه شئ كما قال: (لا تخفى منكم خافية) وذلك لا يصح إلا في وصفه تعالى.
والعلم الاثر الذى يعلم به الشئ كعلم
الطريق وعلم الجيش، وسمى الجبل علما لذلك وجمعه أعلام، وقرئ (وإنه لعلم للساعة) وقال (ومن آياته الجوار في البحر كالاعلام) وفى أخرى (وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام) والشق في الشفة العليا علم وعلم الثوب، ويقال فلان علم أي مشهور يشبه بعلم الجيش.
وأعلمت كذا جعلت له علما، ومعالم الطريق والدين الواحد معلم، وفلان معلم للخير، والعلام الحناء وهو منه، والعالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والاعراض، وهو في الاصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالالة والعالم آلة في الدلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيته فقال: (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والارض) وأما جمعه فلان من كل نوع من هذه قد يسمى عالما، فيقال عالم الانسان وعالم الماء وعالم النار، وأيضا قد روى: " إن لله بضعة عشر ألف عالم " وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم، والانسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه، وقيل إنما جمع هذا الجمع لانه عنى به أصناف