أخص من القدر لانه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المعد للكيل والقضاء بمنزلة الكيل، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضى الله عنهما لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: أتفر من القضاء ؟
قال أفر من قضاء الله إلى قدر الله، تنبيها أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله فإذا قضى فلا مدفع له.
ويشهد لذلك قوله (وكان أمرا مقضيا) وقوله (كان على ربك حتما مقضيا - وقضى الامر) أي فصل تنبيها أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه.
وقوله (إذا قضى أمرا) وكل قول مقطوع به من قولك هو كذا أو ليس بكذا يقال له قضية ومن هذا يقال قضية صادقة وقضية كاذبة وإياها عنى من قال التجربة خطر والقضاء عسر، أي الحكم بالشئ أنه كذا وليس بكذا أمر صعب، وقال عليه الصلاة والسلام " على أقضاكم ".
قط: قال: (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) القط الصحيفة وهو اسم للمكتوب والمكتوب فيه، ثم قد يسمى المكتوب بذلك كما يسمى الكلام كتابا وإن لم يكن مكتوبا، وأصل القط الشئ المقطوع عرضا كما أن القد هو المقطوع طولا، والقط النصيب المفروز كأنه قط أي أفرز وقد فسر ابن عباس رضى الله عنه الاية به، وقط السعر أي علا، وما رأيته قط عبارة عن مدة الزمان المقطوع به، وقطنى حسبي.
قطر: القطر الجانب وجمعه أقطار، قال: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض) وقال: (ولو دخلت عليهم من أقطارها) وقطرته ألقيته على قطره وتقطر وقع على قطره ومنه قطر المطر أي سقط وسمى لذلك قطرا، وتقاطر القوم جاءوا أرسالا كالقطر ومنه قطار الابل، وقيل: الانفاض يقطر الجلب أي إذا أنفض القوم فقل زادهم قطروا الابل وجلبوها للبيع، والقطران ما يتقطر من الهناء، قال: (سرابيلهم من قطران) وقرئ (من قطر آن) أي من نحاس مذاب قد أنى حرها، وقال: (آتونى أفرغ عليه قطرا) أي نحاسا مذابا، وقال (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) وقوله (وآتيتم إحداهن قنطارا) والقناطير جمع القنطرة، والقنطرة من المال ما فيه عبور الحياة تشبيها بالقنطرة وذلك غير محدود القدر في نفسه وإنما هو بحسب الاضافة كالغنى فرب إنسان يستغنى بالقليل وآخر لا يستغنى بالكثير، ولما قلنا اختلفوا في حده فقيل أربعون أوقية وقال الحسن ألف ومائتا دينار، وقيل ملء مسك ثور ذهبا إلى غير ذلك، وذلك كاختلافهم
في حد الغنى، وقوله: (والقناطير المقنطرة) أي المجموعة قنطارا قنطارا كقولك دارهم مدرهمة ودنانير مدنرة.