تنبيها أن العمرة هي الحجة الصغرى كما قال ﷺ " العمرة هي الحج الاصغر " فمن ذلك ما اعتبر فيه الزمان فيقال فلان كبير أي مسن نحو قوله: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما) وقال: (وأصابه الكبر - وقد بلغني الكبر) ومنه ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة نحو (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم) ونحو (الكبير المتعال) وقوله: (فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم) فسماه كبيرا بحسب اعتقادهم فيه لا لقدر ورفعة له على الحقيقة، وعلى ذلك قوله: (بل فعله كبيرهم
هذا) وقوله: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) أي رؤساءها وقوله: (إنه لكبيركم الذى علمكم السحر) أي رئيسكم ومن هذا النحو يقال ورثه كابرا عن كابر، أي أبا كبير القدر عن أب مثله.
والكبيرة متعارفة في كل ذنب تعظم عقوبته والجمع الكبائر، قال (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) وقال: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) قيل أريد به الشرك لقوله: (إن الشرك لظلم عظيم) وقيل هي الشرك وسائر المعاصي الموبقة كالزنا وقتل النفس المحرمة ولذلك قال (إن قتلهم كان خطأ كبيرا) وقال: (قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) وتستعمل الكبيرة فيما يشق ويصعب نحو (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)، وقال: (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) وقال (وإن كان كبر عليك إعراضهم) وقوله (كبرت كلمة) ففيه تنبيه على عظم ذلك من بين الذنوب وعظم عقوبته ولذلك قال (كبر مقتا عند الله) وقوله (والذى تولى كبره) إشارة إلى من أوقع حديث الافك.
وتنبيها أن كل من سن سنة قبيحة
يصير متقدى به فذنبه أكبر.
وقوله: (إلا كبر ما هم ببالغيه) أي تكبر وقيل أمر كبير من السن كقوله (والذى تولى كبره) والكبر والتكبر والاستكبار تتقارب، فالكبر الحالة التى يتخصص بها الانسان من إعجابه بنفسه وذلك أن يرى الانسان نفسه أكبر من غيره.
وأعظم التكبر التكبر على الله بالامتناع من قبول الحق والاذعان له بالعبادة.
والاستكبار يقال على وجهين، أحدهما: أن يتحرى الانسان ويطلب أن يصير كبيرا وذلك متى كان على ما يجب وفى المكان الذى يجب وفى الوقت الذى يجب فمحمود، والثانى: أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له وهذا هو المذموم وعلى هذا ما ورد في القرآن.
وهو ما قال تعالى: (أبى واستكبر).
وقال تعالى (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم)، وقال (وأصروا واستكبروا استكبارا - استكبارا في الارض - فاستكبروا في الارض - يستكبرون


الصفحة التالية
Icon