تبختر، وسميت سور القرآن مثانى في قوله عزوجل: (ولقد آتيناك سبعا من المثانى) لانها تثنى على مرور الاوقات وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الاشياء التى تضمحل وتبطل على مرور الايام.
وعلى ذلك قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى) ويصح أنه قيل للقرآن مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما روى في الخبر في صفته: لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه.
ويصح
أن يكون ذلك من الثناء تنبيها على أنه أبدا يظهر منه ما يدعو إلى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم في قوله تعالى: (إنه لقرآن كريم) وبالمجد في قوله: (بل هو قرآن مجيد).
والاستثناء إيراد لفظ يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم أو يقتضى رفع حكم اللفظ فمما يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم اللفظ، قوله عزوجل: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميته) الآية وما يقتضى رفع ما يوجبه اللفظ فنحو قوله: والله لافعلن كذا إن شاء الله، وامرأته طالق إن شاء الله، وعبده عتيق إن شاء الله، وعلى هذا قوله تعالى: (إذ أقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون).
ثوب: أصل الثوب رجوع الشئ إلى حالته الاولى التى كان عليها، أو إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة وهى الحالة المشار إليها بقولهم أول الفكرة آخر العمل، فمن الرجوع إلى الحالة الاولى قولهم ثاب فلان إلى داره وثابت إلى نفسي، وسمى مكان المستسقى على فم البئر مثابة ومن الرجوع إلى الحالة ا لمقدرة المقصودة
بالفكرة، الثوب سمى بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة التى قدرت له، وكذا ثواب العمل، وجمع الثوب أثواب وثياب وقوله تعالى: (وثيابك فطهر) يحمل على تطهير الثوب وقيل الثياب كناية عن النفس لقول الشاعر: * ثياب بنى عوف طهارى نقية * وذلك أمر بما ذكره الله تعالى في قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) والثواب ما يرجع إلى الانسان من جزاء أعماله فيسمى الجزاء ثوابا تصورا أنه هو هو ألا ترى كيف جعل الله تعالى الجزاء نفس الفعل في قوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ولم يقل جزاءه، والثواب يقال في الخير والشر لكن الاكثر المتعارف في الخير وعلى هذا قوله عزوجل: (ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة) وكذلك المثوبة في قوله تعالى: (هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله) فإن ذلك استعارة في الشر كاستعارة البشارة فيه.
قال تعالى: (ولو أنهم