وأوصاف الألوهية هي جميع أوصاف الكمال، وأوصاف الجلال والعظمة والجمال، وأوصاف الرحمة والبرِّ والكرم والامتنان.
فإنَّ هذه الصفات هي التي يستحق أن يُؤله ويُعبد لأجلها، فيؤله لأنَّ له أوصافَ العظمة والكبرياء، ويؤله لأنَّه المتفرِّد بالقيُّومية والربوبية والملك والسلطان، ويؤله لأنَّه المتفرِّد بالرحمة وإيصال النِعم الظاهرة والباطنة إلى جميع خلقه، ويؤله لأنه المحيط بكلِّ شيء علمًا وحُكْمًا وحكمةً وإحسانًا ورحمة وقدرة وعزة وقهرًا، ويؤله لأنَّه المتفرِّد بالغنى المطلق التام من جميع الوجوه، كما أنَّ ما سواه مفتقر إليه على الدوام من جميع الوجوه، مفتقر إليه في إيجاده وتدبيره، مفتقر إليه في إمداده ورزقه، مفتقر إليه في حاجاته كلِّها، مفتقر إليه في أعظم الحاجات وأشد الضرورات، وهي افتقاره إلى عبادته وحده والتأله له وحده.
فالألوهية تتضمن جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا، وبهذا احتج من قال: إنَّ الله هو الاسم الأعظم، ومنهم من قال: إنَّه الصمد الذي تصمد إليه جميع المخلوقات بحاجاتها لكمال سيادته وعظمته وسعة أوصافه، ومنهم من قال: إنَّ الاسم الأعظم هو الحي القيوم لوروده في بعض الأحاديث، ولأنَّ هذين الاسمين العظيمين يتضمنان جميع الأسماء الحسنى والصفات الكاملة، فإنَّ الصفات الذاتية ترجع إلى الحي الذي قد كملت حياته فكملت صفاته، وصفات الأفعال ترجع إلى القيُّوم؛ لأنَّه الذي قام بنفسه وقام بغيره أي: قام بتدبير أمورهم، وتصريف شؤونهم. ، وافتقرت إليه الكائنات بأسرها، وقيل في تعيين الاسم الأعظم أقوال أُخر وهي تبلغ عشرين قولاً جمعها السيوطي في كتابه "الدر المنظم في الاسم الأعظم" وكثير منها ظاهر ضعفه لعدم قيام دليل صحيح صريح على صحته وثبوته. ، والتحقيق أنَّ الاسم الأعظم اسم جنس لا يراد به اسم معين، فإنَّ أسماء الله نوعان:
أحدهما: ما دلَّ على صفة واحدة أو صفتين أو تضمن أوصافًا معدودة.


الصفحة التالية
Icon