الذي تكفل بأرزاق المخلوقات كلِّها، وأوصل إليها أرزاقها ومعائشها، وعلم أحوالها وأماكنها ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [هود: ٦]، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وقد هيأ لعباده في الأرض جميع الأرزاق.
قال تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً *
وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾
[عبس: ٢٥-٣٢].
والله تعالى هو الرزاق الذي يرزق قلوب خيار المؤمنين من العلوم والمعارف وحقائق الإيمان، ما تتغذى به وتنمو وتكتمل، ويرزق الحيوانات كلَّها من أصناف الأغذية ما تتغذى به وتنمو نموها اللائق بها. فينبغي للعبد إذا سأل الله الرزق أن يستحضر الأمرين بأن يرزقه رزقًا حلالاً واسعًا ويرزق قلبه العلم والإيمان والعرفان.
ورزقه لعباده أيضًا نوعان:
نوع له سبب، كما جعل الله الحراثة والتجارة والصناعة وتنمية المواشي والخدمة ونحوها طرقًا يرتزق بها جمهور الناس. قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ [الحجر: ٢٠]، أي أسبابًا ترتزقون بها.
ونوع يرزق الله به عبده بغير سبب منه، كأن يقيض الله له رزقًا قدريًا سماويًا محضًا، أو على يد غيره من غير أن يكون من المرتزق سعيٌ في ذلك، لأجل الاحتراز عن السؤال فإنَّه من جملة الحرف، ولأجل الاحتراز عمن تجب نفقته عليه من زوج أو قريب أو سيد أو مالك، فإنَّ هذه إما عن عمل الإنسان -يعني من آثار عمله- وإما أن يكون تابعًا لغيره.


الصفحة التالية
Icon