وهو المجيب أيضًا إجابة خاصة للمضطرين كما قال: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢]، وكذلك من انقطع رجاؤه من المخلوقين وقوي طمعه وتعلقه بالله رب العالمين، فما أسرع الإجابة لهذا، وكلَّما قويت حاجة العبد وقوي طمعه بربِّه حصل له من الإجابة بحسب ذلك.
الحسيب الكافي الحفيظ
أي: هو الكافي عباده كلَّما إليه يحتاجون، الدافع عنهم كلَّما يكرهون فكفايته عامة وخاصة.
أما العامة فقد كفى الله تعالى جميع المخلوقات، وقام بإيجادها وإرزاقها وإمدادها وإعدادها لكلِّ ما خلقت له، وهيأ للعباد من جميع الأسباب ما يغنيهم ويقنيهم ويطعمهم ويسقيهم.
وأما كفايته وحسبه الخاص فهو كفايته للمتوكِّلين، وقيامه بإصلاح أحوال عباده المتقين. قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، أي كافيه كلَّ أموره الدينية والدنيوية. قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦]، أي: من قام بعبوديته الظاهرة والباطنة كفاه الله ما أهمَّه، وقام تعالى بمصالحه، ويسر له أموره.
قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ [الطلاق: ٢]، أي من جميع المكاره والمضايق، ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٣].
وإذا توكل العبد على ربه حق التوكل، بأن اعتمد بقلبه على ربه اعتمادًا قويًا كاملاً في تحصيل مصالحه ودفع مضاره، وقويت ثقته وحسن ظنه بربه حصلت له الكفاية التامة، وأتم الله له أحواله وسدَّده في أقواله وأفعاله، وكفاه همَّه وجلا غمه.