وقال تعالى:﴿للَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] يعني: للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه كأنهم يرونه، فإن لم يصلوا إلى ذلك استحضروا رؤية الله تعالى، وأحسنوا إلى عباد الله بجميع وجوه البر والإحسان القولي والفعلي والمالي. فهؤلاء لهم الحسنى وهي الجنة بما احتوت عليه من النعيم المقيم، وفنون السرور، ولهم أيضًا زيادة على ذلك وهو رؤية الله والتمتع بمشاهدته، وقربه ورضوانه والحظوة عنده، بذلك فسرّها –صلى الله عليه وسلم- ١- كما في صحيح مسلم (برقم: ١٨١)من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه. ، وكذلك قوله تعالى: ﴿لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا﴾ جمعت كلَّ النعيم، ﴿وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق: ٣٥]، وهو النظر إلى وجه الله الكريم، والتمتع بلقائه وقربه ورضوانه.
وكذلك ما في القرآن من التعميم لجميع أصناف النعيم، فإنَّ أعظم ما يدخل فيه رؤيةُ وجهه الذي هو أعلى من كلِّ نعيم، كقوله تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١]، فكلُّ ما تعلَّقت به الأماني والشهوات والإرادات، فهو في الجنة حاصل لأهلها، وجميع ما تلذه الأعين من جميع المناظر العجيبة المسِرَّة، فإنَّه فيها على أكمل ما يكون.
وقوله: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤]، فهذا إخبار عن تحية الكريم لهم، وأنَّه سلَّمهم من جميع الآفات، وسلَّم لهم جميع اللذات والمشتهيات، وإخبار عن رؤيته وقربه ورضوانه، لأن اللقاء تحصل به هذه الأمور.
ذكر أصول الإيمان الكلية
قد ذكر الله الإيمان ذكرًا عامًا مطلقًا في مثل قوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحديد: ٧]، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: ١٩]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾، وذكره مقيدًا بما يجب الإيمان به.